عنوان الفتوى : حكم كون رأس مال بعض الشركاء دينا في ذمته
اتفق رجلان على عمل مشروع أحدهما سيديره والآخر لا علاقة له به، واتفقا على تقسيم الأرباح جزأين جزء للإدارة وجزء لرأس المال كل حسب نسبته في رأس المال، ولكن المدير بعلاقاته مع زملائه يستطيع أن يمهلوه بعض الوقت لسداد جزء من المبلغ الكلي، فهل يجوز لمن يدير المشروع أن يأخذ نسبة رأس مال الآخر لعمل المشروع دون أن يدفع هو نسبته مقدما، بل يدفعها أقساطا؟ وهل في خلال هذه الفترة يأخذ المدير نسبته في الإدارة ونسبته في رأس المال باعتبار أن المشروع القائم بالفعل أكثر من نصيب الآخر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على الشريك في أخذ سهم زائد على حصته في الشركة مقابل توليه عملاً فيها لا يلزمه بموجب عقد الشركة، سواء كان ذلك إدارة، أو غيرها، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 35493.
ولكن لا يجوز أن يكون رأس مال الشركة، أو بعضه ديناً في ذمة المضارب، أو الشريك، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 47193، ورقم: 110026.
وعليه، فلا يجوز للمدير الذي لم يدفع شيئا من رأس المال القائم بالفعل في هذا المشروع أن يأخذ نسبة من الأرباح الخاصة برأس المال، وليس له في هذه الحالة إلا الجزء الخاص بالإدارة، وتكون حقيقة هذا العقد أنه مضاربة، وهي هنا اشتراك بين بدن ومال.
وأما إن كان المراد أن هذا المدير سيشتري بالآجل ـ على ذمة نفسه لا على ذمة الشركة ـ ما يمكن جعله رأس مال في الشركة، كأنواع العروض المختلفة كالأجهزة والبضائع والسلع، بحيث يكون هذا هو نصيبه في رأس مال الشركة، فقد اختلف أهل العلم في كون رأس مال أحد الشريكين عرضاً والآخر نقداً، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الشركة في هذه الحالة فاسدة وذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى صحتها بشرط أن تُقوَّم العروض وتجعل قيمتها وقت العقد رأس المال، وهذا هو الراجح لدينا.
وعليه، فإذا حصل اتفاق بين هذا المدير وبين شريكه على تقويم هذه العروض وعرفت قيمتها وقت العقد بحيث يكون مشاركاً بقيمتها في هذه الشركة، فلا حرج في ذلك، وراجع الفتويين رقم: 64691، ورقم: 63862.
وإن كان مراد السائل غير ما سبق ذكره فعليه أن يوضح الصورة إيضاحا يبين به الواقع المسئول عنه ليتسنى لنا جوابه.
والله أعلم.