عنوان الفتوى : مسؤولية المدير عن خسارة رأس مال الشركة
في منتصف عام 2016، تم الاتفاق على إنشاء شركة مساهمة، يكون نشاطها تأجير المستشفيات، وتتألف من ستة أشخاص مساهمين برأس مال، قدره مليونا جنيه مصري، وكان الاتفاق المبدئي أنه سيتم البدء في صرف أرباح شهرية للمساهمين بعد مرور عام من المساهمة بالمبلغ (المدة القصوى للانتهاء من التجديدات، والإنشاءات، والتجهيزات) بنسبة غير ثابتة، ولكنها تقريبية (30%) سنويًّا حسب دراسة الجدوى المجراة من قبل الشخص (أ)، وكانت نسبة المشاركة كالتالي: شخص (أ): شارك بمبلغ مليون وخمسين ألف جنيه، بنسبة 52,5% من رأس المال. شخص (ب): شارك بمبلغ ثلاثمائة ألف جنيه، بنسبة 15% شخص (ج): شارك بمبلغ مائة وخمسين ألف جنيه، بنسبة 7,5% شخص (د): شارك بمبلغ مائتي ألف جنيه، بنسبة 10% شخص (هـ): شارك بمبلغ مائتي ألف جنيه، بنسبة 10% شخص (و): شارك بمبلغ مائة ألف جنيه، بنسبة 5% وتم تأجير مستشفى (والد الشخص أ) لمدة خمسة عشر عامًا، وتم الشروع في أعمال إنشاءات وتجديدات وتجهيزات؛ توطئة لتشغيلها والكسب منها، وتم تكوين مجلس إدارة للشركة المساهمة يتألف من الأشخاص الخمسة الأوائل من (أ) إلى (هـ)، برئاسة الشخص (أ) -رئيس مجلس إدارة الشركة المساهمة-؛ حيث إنه أكبر المساهمين، وتم الشروع بأعمال إنشاءات وتجديدات وتجهيزات للمستشفى بمجهودات الأشخاص (أ)، (ب)، (ج)، حيث إنه قد تم الاتفاق تصريحًا أن الشخصين (د) ، (هـ) وإن كانا فعليًّا أعضاء في مجلس الإدارة، إلا أن ظروفهما الخاصة تحول دون المشاركة الفعلية في الإدارة والمشاركة في اتخاذ القرارات، وتم الاتفاق على إعلامهما فقط بالأحداث التي تستدعي بالضرورة من حيث أهميتها أن يعلما بها. تم الشروع بتشغيل المستشفى منتصف أغسطس 2017، وأسندت إدارة المستشفى للشخص (ج)، وبعد ثلاثة أشهر (شهر نوفمبر) تم استبعاده من قبل رئيس مجلس الإدارة، وأسند إدارة المستشفى لنفسه، حيث أصبح رئيسًا لمجلس الإدارة ومديرًا للمستشفى، وظل مديرًا للمستشفى لمدة ستة أشهر (دون مشاركة لأي منا في ما تم خلال هذه الفترة، أو إعلامنا حتى بها)، وأخبرنا بعدها أنه لا بد من عمل اجتماع لجمعية عمومية، حيث إن المؤسسة خاسرة، وإنها لا تستطيع أن تفي بالالتزامات الواجبة نحوها من قيمة إيجارية، وغيرها، وإن الحل هو تصفية الشركة المساهمة؛ لأنها خاسرة، ولا بد أن يتحمل كل مساهم نصيبه في الخسارة. وأضاف أنه ليس مسؤولًا عما آل إليه الحال من الخسارة وحده؛ إذ إننا كلنا مشاركون (كأعضاء مجلس للإدارة)، ولا بد من تحمل نسبتنا العادلة... علمًا أن أكثر من 85% مما تم صرفه، قد صرف بإنشاءات وتجهيزات وتجديدات للمستشفى التي يملكها والده (أصول بالمستشفى)، تتجاوز قيمته حاليًّا إذا تم عمله ثلاثة ملايين جنيه. فما رأي الشرع بهذه المسألة من حيث: ـ 1ـ هل تعتبر تلك الشراكة خاسرة (تم وضع أصول بالمستشفى تتجاوز قيمتها الحالية 3 ملايين جنيه تقديرًا)؟ 2ـ في حال كانت خاسرة، فمن المسؤول عن خسارتها؟ 3ـ هل يعتبر سوء التقدير، وسوء الإدارة (بشكل عام)، أو حال الاتفاق على وجود سوء تقدير وإدارة يستوجب وجود (حقوق) للمساهمين غير المشاركين بالإدارة تستوجب ردها؟ 4ـ من المسؤول عن رد الحقوق للمساهمين في حال كان لهم حق؟ 5ـ بالنسبة للشخص (و) تحديدًا، فقد ساهم بالمبلغ؛ لمعرفته بالشخص (هـ) فقط، دون أي معرفة بأي تفاصيل، أو أشخاص آخرين، أو وجوده بمجلس الإدارة، أو غيره (توظيف لأمواله فقط)، وفوجئ بعد ما يزيد عن سنتين، بإخباره بخسارة المبلغ، فهل يجوز ذلك؟ ومن المسؤول عن رد حقوقه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنجيب عن سؤالك من حيث الإجمال، ونعرض صفحًا عن الجزئيات التي ذكرتها؛ لأن الموضوع يحتاج إلى مشافهة أهل العلم به، بل ربما يحتاج إلى عرضه على القضاء عند المناكرة.
فنقول: إن الخسارة في رأس مال الشركة، يتحملها الشركاء، كل بحسب نصيبه: فمالك 52% يتحمل من الخسارة 52%، ومالك 15% يتحمل من الخسارة 15%، وهكذا، جاء في كشاف القناع: والوضيعة -الخسارة- على قدر ملكيهما فيه، أي: فيما يشتريانه. فعلى من يملك الثلثين، ثلثا الوضيعة. وعلى من يملك فيه الثلث، ثلثها، سواء كانت لتلف، أو بيع بنقصان. وسواء كان الربح بينهما كذلك، أو لم يكن؛ لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بمالكه، فوزع بينهما على قدر حصصهما. اهـ.
ولا يتحمل الخسارة من يباشر العمل، ويتولى الإدارة، وغيرها، إلا إذا ثبت كونه فرّط واعتدى؛ فيضمن حينئذ. وإلا فهو مؤتمن، لا ضمان عليه، جاء في المنثور في القواعد في أسباب الضمان، وذكر منها اليد، قال: وهي ضربان: يد غير مؤتمنة، كيد الغاصب، ويد أمانة، كالوديعة، والشركة، والمضاربة، والوكالة، ونحوها، إذا وقع منها التعدي، صارت اليد يد ضمان. انتهى.
والأصول المشتراة برأس مال الشركة من تجهيزات المستشفى المستأجر، ونحوها، هي للشركة.
كون أحد الشركاء لا يعرف الباقين، ولا يعرف شيئًا عن الشركة، بل يثق في أحد الشركاء، ووكله فيما يتعلق به، فهذا لا تأثير له أيضًا، إلا إذا كان هذا الوسيط قد خدعه، ودلّس عليه، أو نحو ذلك، فيكون الحكم بحسب ما يتضح مما جرى بينهما.
وعلى كل؛ خلاصة القول: إن مثل هذه المسائل لا يكتفى فيها بالسؤال عن بعد، بل لا بد من عرضها على أهل العلم مباشرة.
والله أعلم.