عنوان الفتوى : هل يكذب لينال حق اللجوء لإنهاء دراسته وتحسين معيشته
إخوتي أرجو إجابتي سريعاً لأني في حيرة من أمري، وجزاكم الله كل الخير. لقد ظلمت في عملي بدون مقاضاة شرعية، ولقد بلغت جميع المدراء في العمل وذكرتهم بالله ولم يقف معي والله أي أحد منهم، قمت برفع شكوى أطالب فيها بحقوقي ولم يهتم بها أحد مع أن قانون الشركة أن يرد على الموظف خلال تسعة أيام، وقد صبرت لمدة ثلاثة أشهر، ويعلم الله أنني قلت لهم أريد أن تجلسوا فقط معي وتراجعوا مستنداتي والتي تثبت صحة ما أقول، وتثبت بهتان مديري المباشر لي إذ أصبح يتهمني بتهمٍ كاذبة، ورغم ذلك فصلوني من العمل. خلال تلك الفترة أراد الله أن يفوز لي بحث علمي في إحدى الدول الغربية، وقد أرسلوا لي دعوة، وأخذت التأشيرة، ويعلم الله أني استخرت كثيرا قبل المجيء إلى هذا البلد . وقد طلبت مني والدتي أن أذهب إلى هناك، وأن أحتسب ظلم الشركة لي، وقالت لي عسى الله أن يوفقك هناك. سافرت وجئت إلى هذا البلد، ويعلم الله أننا نصلي في أكثر من مسجد في اليوم الواحد، وقد سكنت مع إخوان طيبين ومتدينين، وقلت أضع نية الدراسة في قلبي وأدرس وبعدها أرجع إلى أي بلد آخر غير بلدي؛ لما تفشى فيه من المحسوبية والوساطات في العمل والظلم لكثير من الناس وتعيين غير المؤهلين في الشركات اعتماداً على الوساطة وأصبحت المسألة مخيفة . جابهتني هنا ظروف غلاء الدراسة للقادمين مثلي، ونصحني الكثيرون بأن أحكي كلامي ومظلمتي هنا لأمنح حق اللجوء مما يؤمن لي الدراسة بمصاريف مخفضة والعمل أيضا. فهل يجوز لي الكذب بأني لو رجعت إلى بلدي سأتعذب وأضطهد لأنال الإقامة هنا ؟ أنا الآن معي من النقود ما يكفي لعملٍ صغير في بلدي أو أن أشتري عربة وأعمل بها، ولكن أكثر الناس يقولون لي لا ينبغي أن تدمر نفسك وعلمك، وما ستقوله لن يضر أحدا ، ولكن سيساعدك، ويعلم الله أني متردد في الكذب، وأخاف ألا يبارك لي الله في دراستي، ومن فضل الله علي أني أدعو دائما للفضيلة ولترك الأمور لله، وأعلم أن من ترك شيئا لله أبدله خيرا منه. هل يا ترى لو عدت وتركت الدراسة هنا يعد خطأً وهل لي أن أقيس بحجم الضرر والمنفعة إذ إنني أعرف أن الشهادات من هذا البلد معترف بها في كل مكان، ويمكنني بعد التأهيل أن أعمل براتب ممتاز يساعدني وأسرتي وأقاربي الفقراء بإذن الله . أنا الابن الوحيد وأعول أمي ولي أخوات فقط، وفيهن المتزوجات وغير المتزوجات، ولكن ليس لي إلا واحدة لا تعمل وهي طالبة. جزاكم الله كل الخير وآسف للإطالة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن الكذب من المحرمات الثابتة، ولا يرخص في شيء منه إلا لضرورة أو حاجة ملحة، إذا لم توجد وسيلة أخرى مشروعة تفي بذلك.
والذي نراه للسائل أن يقدر موقفه إن هو عاد إلى بلده، فإن كان الضرر الذي يلحقه بذلك بالغا ـ ولم يكن هناك وسيلة لدفع ذلك الضرر إلا بالبقاء والدراسة في هذا البلد الغربي، ولم يمكنه البقاء هناك لمواصلة الدراسة إلا بالحصول على حق اللجوء السياسي، فله أن يستعمل ما تيسر له من المعاريض والتورية للحصول على ذلك دون الكذب الصريح، بأن يقصد بالتعذيب والاضطهاد الذي سيتعرض له إن هو رجع إلى بلده ما سيلاقيه من الأحوال السيئة والظلم والمحسوبية ونحو ذلك. وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 75174 ، 139250، 77575، 93348، 62073.
والله أعلم.