عنوان الفتوى : الكذب لحفظ الأمانة من الضياع
صديقة توفي زوجها وقد أخذ كل من أولادها حصصهم من الإرث إلا شاب منهم وذلك لأنه في السجن، أودعت هذه المرأة حصة هذا الشاب عند إحدى صديقاتها كأمانة لتسلمها له عند خروجه من السجن وذلك لسوء وضعها الصحي وعدم وثوقها بأولادها، المرأة التي استلمت الأمانة لا تعرف ماذا تفعل إذا ما جاء أولاد صديقتها يطالبونها بمال أخيهم، هل تنكر أن المال موجود عندها حتى لو اضطرت لتحلف على القرآن، علما بأن أولادها وزوجها يعرفون بموضوع الأمانة وصديقتها التي أعطتها الأمانة في المشفى دون حراك، ماذا تفعل، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز لهذه المرأة التي استأمنتها صديقتها على مال ابنها أن تخبر به إخوانه إذا كانوا سيأخذونه أو يستهلكونه بغير حق شرعي، فإن حفظ الأمانة واجب، وتضييعها حرام، لقول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، ولو دعاها ذلك للكذب عليهم، فإن الكذب في هذه الحالة غير حرام، فقد قال أهل العلم: يجوز الكذب في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير.
وقال ابن الجوزي: وضابط ذلك أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجباً فهو واجب.
وإنقاذ مال المسلم من التلف والضياع واجب، وعلى ذلك فالكذب هنا واجب إذا دعت الحاجة إليه ويقتصر في ذلك على ما تدعو إليه الحاجة، وقد قسم بعض أهل العلم الكذب إلى خمسة أقسام لكل نوع منها حكم من أحكام الشرع الخمسة، ومن القسم الواجب إنقاذ مال المسلم إذا طلب جوراً فقال:
لقد أوجبوا زوراً لإنقاذ مسلم * ومالٍ له إذ هو بالجور يطلب.
والله أعلم.