عنوان الفتوى : وقت صلاة الاستخارة، ونص دعائها عند التردد، وأثر الذنوب على نتيجتها
أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، ومحتار بين علمي علوم، وعلمي رياضة، وقد صلّيت الاستخارة أكثر من مرة، ولم أمِل لأحدهما بشكل واضح، بل كان الميول طفيفًا جدًّا للعلمي علوم، وأحيانًا يختفي، فاستشرت أهلي، وقالوا لي: علمي رياضة أفضل، فاخترت العلمي رياضة.
وبعد شهر تحيرت مرة أخرى، وصليت الاستخارة مرة أخرى، ومِلْتُ بشكل طفيف جدًّا للعلمي علوم، ولكني خفت؛ لأنه من الممكن أن يكون سبب هذا الميل أكثر من عامل، مثل صعوبة العلمي رياضة، وغير ذلك من العوامل، وبعد ثلاثة أشهر من الحيرة، ومنذ أسبوع في العاشرة صباحًا حلمت أني في مستشفى، وقابلت طبيبًا، ولست متأكدًا، ولكني أعتقد أن ذلك الطبيب كان أنا.
وأنا أرغب حاليًّا في حسم قراري في الدخول في التخصص المناسب، ومن ثم الكلية المناسبة؛ لأنى متشكك جدًّا، والتردد ليس في مصلحتي، وأشعر أني أصلي الاستخارة بشكل خاطئ، أو لا تقبل؛ بسبب ذنوب قد أكون أفعلها، فهل لهذه للذنوب دخل في هذا الأمر؟ وأريد نص دعاء صلاة الاستخارة بين علمي علوم، وعلمي رياضة، وليس نص دعاء صلاة الاستخارة بشكل عام؛ كي أصلى الاستخارة، وأقرأه مرة أخرى، وأنا موقن بأني أقرؤه بشكل صحيح، وأريد أن أعرف متى أصليها؟ وماذا أفعل بعد هذه الصلاة؟ وكيف أعرف نتيجتها؟ حيث إني علمت من فتاوى سابقة أن الأصل في صلاة الاستخارة هو السعي في الأمر، وليس الأحلام، أو الميول، لكن الحيرة في هذه الحالة بين أمرين، ففي أيهما أسعى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما قولك: (فهل لهذه الذنوب دخل في هذا الأمر؟) فإن الاستخارة دعاء، والذنوب من موانع إجابة الدعاء، قال ابن القيم في الجواب الكافي: الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلّف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه -بأن يكون دعاء لا يحبّه الله؛ لما فيه من العدوان-، وإما لضعف القلب، وعدم إقباله على الله، وجمعيته عليه وقت الدعاء؛ فيكون بمنزلة القوس الرخو جدًّا، فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة -من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة، والشهوة، واللهو، وغلبتها عليها-، كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه»، فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} [المؤمنون:51]، وقال: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة:172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟». اهـ.
وأما قولك: (وأريد نص دعاء صلاة الاستخارة بين علمي علوم، وعلمي رياضة، وليس نص دعاء صلاة الاستخارة بشكل عام؛ كي أصلى الاستخارة، وأقرأه مرة أخرى، وأنا موقن بأني أقرؤه بشكل صحيح): فالأولى أن تصلي صلاة الاستخارة لكل تخصص منهما، ولك أن تدعو بدعاء خاص لكل تخصص منهما في صلاة واحدة، ولك أن تجمع بينهما في دعاء واحد، كأن تقول: اللهم إن كان تخصص العلوم أو تخصص علمي رياضة خير لي، فيسره لي... وانظر الفتويين: 120830، 370084.
وأما قولك: (وأريد أن أعرف متى أصليها؟) فإنه تستحب صلاة الاستخارة في أي وقت، سوى أوقات النهي عن الصلاة -المبينة في الفتوى:44206-، جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: ومحل استحبابها في غير وقت الكراهة؛ لأن سببها متأخر. اهـ.
وأما قولك: (وماذا أفعل بعد هذه الصلاة؟ وكيف أعرف نتيجتها؟ حيث إني علمت من فتاوى سابقة أن الأصل في صلاة الاستخارة هو السعي في الأمر، وليس الأحلام، أو الميول، لكن الحيرة في هذه الحالة بين أمرين، ففي أيهما أسعى؟) فإنك تمضي في أمرك، فما تيسر لك من هذين التخصصين، أو من غيرهما؛ فهو الخير لك، وليس الأمر موقوفًا على رؤيا منامية، أو انشراح الصدر، أو غير ذلك، كما بيناه في الفتوى: 123457.
والله أعلم.