حديث عروة بن مضرس في الصلاة بمزدلفة
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
حديث عروة بن مضرس في الصلاة بمزدلفةعن عروة بن مضرس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه (يعني بالمزدلفة) فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه، وقضى تفثه.
رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة.
المفردات:
عروة بن مضرس: هو عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي، أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بعث معه خالد بن الوليد بعيينة بن حصن لما أسره يوم البطاح مرتدًا إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، يعد في الكوفيين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شهد صلاتنا هذه: أي حضر صلاة الفجر بمزدلفة.
فوقف معنا: أي بالمشعر الحرام بعد صلاة الصبح بمزدلفة.
حتى ندفع: أي حتى نفيض من مزدلفة إلى منى.
تم حجه: أي كمل حجه.
وقضى تفثه: أي أدى ما عليه وأزال أدرانه وأذهب شعثه وحل له أن يأخذ من شاربه وأظفاره وشعر إبطه وعانته.
فالتفث ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، وأصل التفث الوسخ والأدران.
البحث:
قال أبو داود: حدثنا مسدد، ثنا يحيى، عن إسماعيل، ثنا عامر أخبرني عروة بن مضرس الطائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف يعني بجمع قلت: جئت يا رسول الله من جبل طيء أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه.
قال الحافظ في "التلخيص": وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما.
وقال في "فتح الباري": وحديث عروة أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم.
اهـ.
ولا نزاع عند أهل العلم أن الوقوف بعرفة في وقته ركن من أركان الحج, وقد أشار حديث عروة عن مضرس هذا إلى أن وقت عرفة يمتد إلى فجر يوم النحر، وقول الله عز وجل: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 198] أمر إرشاد واستحباب لا أمر إيجاب لإجماع أهل العلم على أن من وقف عند المشعر الحرام من غير ذكر فحجه تام، وإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج فالموطن الذي يكون الذكر فيه أحرى أن لا يكون فرضًا، كما أجمع أهل العلم على أنه لو بات بالمزدلفة ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام.
وقد نقل هذا الإجماع الطحاوي وابن قدامة كما ذكر الحافظ في الفتح.
وقد شذ بعض الناس فزعم أن من فاتته صلاة الصبح بمزدلفة مع الإمام أن الحج يفوته وكذلك شذ بعضهم فزعم أن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج، وقد استدل هؤلاء بحديث عروة بن مضرس هذا وبأنه قد جاء في لفظ له عند أبي يعلي في مسنده: ومن لم يدرك جمعًا فلا حج له، قال الحافظ في "الفتح": وقد صنف أبو جعفر العقيلي جزءًا في إنكار هذه الزيادة، وبين أنها من رواية مطرف عن الشعبي عن عروة، وأن مطرفًا كان يهم في المتون.
اهـ، كما ذكر الحافظ نحو هذا الكلام في تلخيص الحبير.