أرشيف المقالات

دروس من استشهاد الإمام الحسين (2) - ممدوح إسماعيل

مدة قراءة المادة : 14 دقائق .
اعظم درس في انكار المنكر والتضحية شهيد الحق النبوي شجاعة وشهادة ال البيت قصة افجع واحزن حادثة قتل في تاريخ المسلمين اخي القارئ في السطور القادمة لا احكى قصة او حكاية انما واقعة محزنة تسببت في تغيرات كبيرة في حياة المسلمين واقعة اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ملك من السماء قبل وقوعها بسنوات..
 
فروى أحمد (26524) عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا: «لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا) قَالَ: (فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ» وحسنه محققو المسند، وله شواهد متعددة. وانظر: "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألباني (821)..
 
نعود للأحداث عندما بلغ الحسين الرسالة التي ارسلها مسلم بن عقيل عن طريق الرسول الذي أرسله عمر بن سعد، فهم الحسين أن يرجع وبعض كتب التاريخ ذكرت انه كلم أبناء مسلم بن عقيل، فقالوا: لا والله لا نرجع حتى نأخذ بثأر أبينا، فنزل على رأيهم، (ولكن الامام الحسين سليل النبوة ما كان ان يرجع..
 
1- لأنه اعلن بوضوح رفضه لتغيير الحكم من شورى المسلمين الى حكم ملكي بالوراثة يخالف سيرة وهدى الرسول وان لم يكن الحسين رافضا للتغيير في منهاج النبوة فمن يعلن الرفض..
 
2- ان تولية يزيد الخلافة جاءت وفي الامة افضل منه كثيرون دين وقيادة وسياسة وحكم وهو المفضول الذى قيل في عثراته واخطاؤه الكثير وقد ثبت الرؤية البعيدة للحسين رضى الله عنه التي لم تظهر للكثيرين من الصحابة في رفض يزيد بعد ما فعل في الحرة وحصار مكة..
 
3- (ما كان للحسين ان يرجع وقد جرى القدر ان يمضى ويستشهد رضى الله عنه) من ناحية اخرى علم عبيد الله بن زياد بخروج الحسين فأمر الحر بن يزيد التميمي أن يخرج بألف رجل مقدمة ليلقى الحسين في الطريق، فلقيا الحر الحسين قريبا من القادسية.
 
فقال له الحر: إلى أين يا ابن بنت رسول الله؟!
قال: إلى العراق.
قال: فإني آمرك أن ترجع وأن لا يبتليني الله بك، ارجع من حيث أتيت أو اذهب إلى الشام إلى حيث يزيد لا تقدم إلى الكوفة.
فأبى الحسين ذلك ثم جعل الحسين يسير جهة العراق، وصار الحر بن يزيد يعاكسه ويمنعه.
فقال له الحسين: ابتعد عني ثاكلتك أمك.
فقال الحر بن يزيد: والله لو قالها غيرك من العرب لاقتصصت منه ومن أمه، ولكن ما ذا أقول وأمك سيدة نساء العالمين.
(حوار يظهر مرؤة ودين الحربن يزيد وتقديره لمكانة الحسين ورغم انه قيادة عسكرية ملتزم بأمر قيادته لكن مهما كان قرار القيادة الدين والحق له كلمة والمرؤة تفصل وليس سمعا وطاعة كخرفان العسكر اليوم)..
ويمضى الامام الحسين ويقف في مكان يقال له «كربلاء»، فسأل ما هذه؟
قالوا: كربلاء.
فقال: «كرب وبلاء»..
وهنا وصل جيش عمر بن سعد وعدده أربعة آلاف فكلم الحسين وأمره أن يذهب معه إلى العراق حيث عبيد الله بن زياد فأبى.
ولـما رأى أن الأمر جد قال لعمر بن سعد: إني أخيرك بين ثلاثة أمور فاختر منها ما شئت.
قال: وما هي؟
قال: أن تدعني أرجع، أو أذهب إلى ثغر من ثغور الـمسلمين، أو أذهب إلى يزيد حتى أضع يدي في يده بالشام.
 
(وهنا يظهر اثر الذرية الطيبة والعمل الصالح لسعد ابن ابى وقاص في ابنه عمر فهو يسمع ويتحاور مع الحسين ولا تدفعه مكانته العسكرية في القيادة ان يرفع سيفا على الحسين)
فقال عمر بن سعد: نعم أرسل أنت إلى يزيد، وأرسل أنا إلى عبيد الله بن زياد وننظر ماذا يكون في الأمر، فلم يرسل الحسين إلى يزيد وأرسل عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد.
 
فلـما جاء الرسول إلى عبيد الله بن زياد وأخبره الخبر وأن الحسين يقول: أخيركم بين هذه الأمور الثلاثة، رضي ابن زياد أي واحدة يختارها الحسين، وكان عند عبيد الله بن زياد رجل يقال له شمر بن ذي الجوشن، وكان من الـمقربين من ابن زياد فقال: لا والله حتى ينزل على حكمك.
فاغتر عبيد الله بقوله فقال: نعم حتى ينزل على حكمي..
فقام عبيد الله بن زياد بإرسال شمر بن ذي الجوشن، وقال: اذهب حتى ينزل على حكمي فإن رضي عمر بن سعد وإلا فأنت القائد مكانه.
وكان ابن زياد قد جهز عمر بن سعد بأربعة آلاف يذهب بهم إلى الري، فقال له: اقض أمر الحسين ثم اذهب إلى الري، وكان قد وعده بولاية الري.
فخرج شمر بن ذي الجوشن، ووصل الخبر للحسين، وأنه لابد أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد فرفض وقال: «لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبدا» لماذا رفض الامام الحسين ان ينزل على حكم عبيد الله؟ لأنه معروف ان النزول قبول بالتوريث ليزيد ومخالفة المنهج النبوي فلا يقبل ان ابن بنت رسول الله يقبل مخالفة منهج النبي صلى الله عليه وسلم؟
 
بخلاف ان عبيد الله بن زياد معروف بقسوته وشره فلا ينزل المبشر بالجنة ابن المبشر بالجنة وابن المبشرة بالجنة وسبط رسول الله الى الظالم عبيد الله القتال وقدر الله كان عدد الذين مع الحسين اثنين وسبعين فارسا، وجيش الكوفة خمسة آلاف، ولـما تواقف الفريقان قال الحسين واعظا مذكرا جيش ابن زياد وهو موقف عظيم من عظيم لجيش جاء لقتاله ولكنه منهج النبوة..
ان الذكرى تنفع المؤمنين..
 
فقال لهم: راجعوا أنفسكم وحاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي؟ وأنا ابن بنت نبيكم، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولأخي: « هذان سيد شباب أهل الجنة »..
 
وصار يحثهم على ترك أمر عبيد الله بن زياد والانضمام إليه فانضم للحسين منهم ثلاثون، فيهم الشهم الصالح الحر بن يزيد التميمي الذي كان قائد مقدمة جيش عبيد الله بن زياد.
انها الذكرى التي تنفع المؤمنين وقد قيل للحر بن يزيد: أنت جئت معنا أمير الـمقدمة والآن تذهب إلى الحسين؟!..
 
فكان جوابه جواب المؤمن التقى فقال: ويحكم والله إني أخير نفسي بين الـجنة والنار، والله لا أختار على الجنة ولو قطعت وأحرقت..
 
واشتد التوتر وتصاعدت الانفاس في الصحراء الساخنة فصلى الحسين الظهر والعصر من يوم الخميس والعجيب انه صلى بالفريقين بجيش عبيد الله بن زياد وبالذين معه، بعدما قال لهم: منكم إمام ومنا إمام.
(انه الحسين ابن بنت رسول الله)..
 
قالوا: لا، بل نصلي خلفك، فصلوا خلف الحسين الظهر والعصر، فلـما قرب وقت الـمغرب تقدموا بخيولهم نحو الحسين وكان الحسين محتبيا بسيفه فلـما رآهم وكان قد نام قليلا قال: ما هذا؟! قالوا: إنهم تقدموا فقال: اذهبوا إليهم فكلموهم وقولوا لهم ماذا يريدون؟
 
فذهب عشرون فارسا منهم العباس بن علي بن أبي طالب أخو الحسين فكلموهم وسألوهم، قالوا: إما أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد وإما أن يقاتل.
 
قالوا: حتى نخبر أبا عبد الله، فرجعوا إلى الحسين رضي الله عنه وأخبروه، فقال: قولوا لهم: أمهلونا هذه الليلة وغدا نخبركم حتى أصلي لربي فإني أحب أن أصلي لربي تبارك وتعالى، فبات ليلته تلك يصلي لله تبارك وتعالى ويستغفره ويدعو الله تبارك وتعالى هو ومن معه رضي الله عنهم أجمعين.
 
وقعة الطف (سنة 61 هـ):
في صباح يوم الجمعة شب القتال بين الفريقين لـما رفض الحسين أن يستأسر لعبيد الله بن زياد، وكانت الكفتان غير متكافئتين، فرأى أصحاب الحسين أنهم لا طاقة لهم بهذا الجيش، فصار همهم الوحيد الـموت بين يدي الحسين بن علي رضي الله عنهما، ولم يهرب احد وكيف يهربون وكثير منهم ال بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتمضى الاحداث بصورة تبكى العيون وتخلع القلوب وتحتار العقول كيف هان عليهم قتل ال البيت ثم قتل الحسين!!..
 
فقاتل اصحاب الحسين بين يديه رضي الله عنه الواحد تلو الآخر حتى فنوا جميعا ولم يبق منهم أحد إلا الحسين بن علي رضي الله عنه.
وولده علي بن الحسين كان مريضا.
 
وكان التاريخ توقف في تلك اللحظة صامتا حزينا باكيا وميف لا يبكى وقد بقى الحسين وحيدا
 
وكان لافتا ان جيش عبيد الله لا يقدم عليه أحد منهم حتى يرجع لا يريد أن يبتلى بقتله رضي الله عنه، واستمر هذا الأمر حتى جاء الظالم المجرم شمر بن ذي الجوشن فصاح بالناس ويحكم ثاكلتكم أمهاتكم أحيطوا به واقتلوه، فجاءوا وحاصروا الحسين بن علي فصار يجول بينهم بالسيف رضي الله عنه حتى قتل منهم من قتل وكان كالسبع، نعم فهو ابن الاسد على ابن ابى طالب وسبط رسول الله وصاح بهم شمر: ويحكم ماذا تنتظرون؟! أقدموا.
فتقدموا إلى الحسين فقتلوه رضي الله عنه
 
**في لحظة اشعر ان صخر الارض بكى فيها **
 
والذي باشر قتل الحسين مجرم اسمه سنان بن أنس النخعي، وحز رأسه رضي الله عنه وقيل: شمر، قبحهما الله.
 
وبعد أن قتل الحسين رضي الله عنه حمل رأسه إلى عبيد الله في الكوفة..
 
قال إبراهيم النخعي: لو كنت فيمن قتل الحسين ثم أدخلت الجنة استحييت أن أمر على النبي صلى الله عليه وسلم فينظر في وجهي( الـمعجم الكبير 3/112 رقم 2829 وسنده صحيح). ويبقى..
 
1_ ان هذه اصح الروايات من ابن كثير والطبري وقد وضع الشيعة كلام كثير لا حصر له كله كذب والعجيب انهم خذلوا الحسين ثم يتباكون على قتله واخترعوا دين لهم على انقاض خيانتهم واستشهاد الحسين!!..
 
2- الثابت ان يزيد بن معاوية رغم ما فعله من ظلم كبير لم يأمر بقتل الحسين مطلقا وانه اكرم ال البيت والثابت ان نساء بيته بكوا الحسين رضى الله عنه..
 
3- خروج الامام الحسين هو نهى عن منكر حدث بتغيير الخلافة من الشورى الى الملك الوراثي وهو مقام عالي لا يدركه الصغار ولا يمكن تقليده لأنه لا يوجد مثل الحسين رضى الله عنه..
 
4- ان انكار الصحابة لخروجه كان تقديرا لعدم وجود قوة معه ومعرفتهم بخذلان الكوفة ولم يكن رفضا لا نكاره تغيير الحكم من الخلافة والشورى الى الملك..
 
5_ان الامام الحسين ضرب اعظم مثال في الثبات على منهج النبوة والحق والمبادئ فلم يهرب او يتراجع ويقبل بالمنكر..
 
وثبات من معه من ال البيت معه في القتال مثال نادر لا يجود به الزمان في التضحية والفداء ولا يخرج الا من العظام ال البيت رضى الله عنهم..
 
6- ان ولاية العسكر لحاكمهم وسلطانهم اقوى من ولايتهم لدينهم الا ما رحم ربى وان التجريء على دماء الصالحين منهج لكل قوة سلطان غاشمة..
 
7- ان من انكر المنكر وتحمل تبعات انكاره ينصح في القدرة فقط ولا يلام وينتقد..
 
8- ان الحكم يكون للقوة مع المفضول ولا يكون للصالح ضعيف القوة المادية..
 
9- ان المصالح تتنازع بين مصلحة الحكم ومصلحة المبادئ والمنهج وعلى مدار التاريخ حسم امتلاك القوة النزاع..
 
واخيرا قال الامام ابن تيمية : (25/302-305 في مجموع الفتاوى ):
"قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية، وأكرم الله الحسين بالشهادة، كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته.
أكرم بها حمزة وجعفرا وأباه عليا وغيرهم وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته، فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة، والمنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أشد بلاء؟ فقال: (الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل.
يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) رواه الترمذي وغيره.
رضى الله عن الامام الحسين وجمعنا به في الجنة بشهادة في سبيله.

شارك الخبر

المرئيات-١