عنوان الفتوى : الطريق الأمثل للتخلص من الوساوس في الطهارة
أنا أعاني من الوسواس من أربع سنين، يتركز في الطهارة والنجاسة وتكرار الوضوء لظني الدائم بانتقاضه ودائما أشك في عدد الركعات التي أصليها، ودائما أصور صلاتي على فيديو لأرى كم عدد الركعات لتطمئن نفسي .وعندما أدخل إلى الحمام أخلع جميع ملابسي خوفا من تنجيسها، وأحيانا كثيرة أستحم بالكامل بعد عملية الاستنجاء بسبب طرطشة ماء الاستنجاء، كنت قبل أستخدم الحمام العربي والآن أصبحت أستخدم الحمام الإفرنجي ولكني أعاني من ردة فعل المياه من داخل المرحاض الإفرنجي على جسمي فأضطر إلى غسيل جميع جسمي, ولدي طفل صغير كل ما أغير له حفاضته أخلع ملابسي وأغسلها لقناعتي أنها لم تعد صالحة للصلاة، والمشكلة الأكبر أني متزوجة من سنتين ولم يحدث جماع بيني وبين زوجي سوى أول شهر من الزواج وعلى أثره أصبحت حاملا بطفلي الأول، وبعدها لم يتم أي جماع، خوفا من أن أنجس الفراش أو الأرض أو انزل بول أثناء الجماع، وحاول معي زوجي كثيرا على أن ينصلح حالي لكن بدون فائدة، إلى أن يأس مني ، ومشاكلنا أصبحت تزيد يوما بعد يوم، وتزيد أكثر عند ما يأتي أحد إلى بيتي ويدخل بحذائه ويستعمل المرحاض لأني أبدأ بعدها بعملية تطهير البيت منه ومن نجاسته وتبدأ مشاكلي مع زوجي من جديد، خصوصا أنه أصبح لا يقدر أن يدعو أحدا من أهله إلى بيتنا، والمشكلة الآن أني زوجي لم يعد يصبر على عدم الجماع ويريد أن يطلقني اليوم قبل غد، وأنا لا أعرف ما أفعل بحالي لو طلقني، فلا يوجد لي أهل آوي إليهم، ولا أعرف كيف أتخلص من وسواس الطهارة .. و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية، فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما وأضر بك ضررا بالغا، وسبب ذلك هو استرسالك مع الوساوس واستسلامك لها وعدم مجاهدتك نفسك في تركها والإعراض عنها، وقد بينا مرارا وتكرارا أن علاج الوساوس الذي لا علاج لها غيره ولا أنجع منه هو الإعراض عنها وعدم الاكتراث بها ولا الالتفات إلى شيء منها، وانظري الفتوى رقم: 51601 ورقم: 134196.
فعليك إذن أيتها الأخت الكريمة بالأخذ بهذا العلاج، فلا تحكمي على شيء بأنه قد أصابته نجاسة حتى يحصل لك اليقين الجازم بأنه قد تنجس، وقد ضبط بعض السلف هذا بأن يحصل اليقين الذي يحلف عليه، فإذا شككت في أن يدك قد أصابتها نجاسة فلا تلتفتي إلى هذا الشك وابني على الأصل وهو طهارة يدك، وإذا تيقنت أنه قد أصابتها نجاسة فاغسلي الموضع الذي تيقنت تنجسه فقط، وهكذا إذا شككت في كون الماء المتنجس قد ارتد فأصاب شيئا من بدنك فلا تلتفتي إلى هذا الشك، وإذا تيقنت أنه قد أصابك منه شيء فاغسلي الموضع الذي تجزمين بأنه قد تنجس.
وأما غسلك جميع بدنك فتنطع وتكلف شديد وهو مما نهى عنه الشرع المطهر، والأصل في أرض الحمام أنها طاهرة ما لم يتيقن أنه قد وقع عليها شيء من النجاسة، والأصل في أقدام الناس وأحذيتهم أنها طاهرة، فلو عملت بهذا الأصل الذي هو حكم الشرع وتركت تلبيس الشيطان الذي لا يريد إلا تعنيتك وإتعابك لاسترحت من هذا العناء. ثم نذكرك أيتها الأخت بأن غاية الأمر أنه لو حصل تنجس لبدنك أو لثيابك وأنت لا تعلمين بذلك فالأمر سهل يسير والصلاة صحيحة والله الحمد، فالطهارة من النجس شرط عند العلم والقدرة، أما إذا جهلت النجاسة فالصلاة صحيحة وعلى هذا دل الحديث فاتقي الله تعالى وخذي بترخيص الله لعباده.
وأما امتناعك من زوجك بسبب هذه الوساوس فهو من أكبر الخطأ، ونرجو إذا كنت مغلوبة على هذا ألا يكون عليك إثم، ولكن عليك أن تجاهدي نفسك لتتعافي من هذا المرض العضال وتؤدي الحق الذي عليك ولا تحرجي نفسك وزوجك، فنحن ننصحك إذا دخلت الخلاء ألا تنزعي شيئا من ثيابك بل ادخلي الخلاء بشكل عادي ثم استنجي بعد فراغك من قضاء حاجتك ولا تلتفتي إلى شيء من الوساوس في أمر النجاسة ثم توضئي مرة واحدة فقط ولا تعيدي الوضوء مهما قال لك الشيطان إن وضوءك غير صحيح، ثم أدي الصلاة مقبلة عليها بقلبك غير ملتفتة إلى ما يعرض لك من الوسواس في شأنها، وهكذا فافعلي في جميع شأنك تستريحي إن شاء الله ويستريح زوجك.
ثم إذا أراد زوجك أن يستزير أحدا من أهله أو أصدقائه فليفعل، ولا داعي للشك في أنه ربما كانت نعالهم متنجسة أو نحو ذلك من الشكوك الشيطانية والوساوس الإبليسية، بل الأصل في ذلك كله هو الطهارة، وإذا أرادك زوجك فأجيبيه دون اكتراث بهذه الوساوس المقيتة، ولا يجب عليك بعد ذلك إلا أن تغتسلي لرفع الحدث، وإذا تيقنت أنه قد أصاب شيئا من ثيابك أو فراشك نجاسة فيكفيك في تطهيره أن تصبي عليه شيئا من الماء، هذا والذي ننصحك به هو أن تعرضي نفسك على الأطباء الثقات عملا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا، وعليك بالاجتهاد في الدعاء واللجأ إلى الله تعالى أن يصرف عنك هذا الداء ويعافيك منه.
والله أعلم.