عنوان الفتوى : كفالة الدولة الإسلامية للمحتاجين والفقراء من أهل الذمة
اتفق الأئمة على عدم جواز منح الزكاة لغير المسلم ، سؤالي هل تتكفل الدولة الإسلامية بالمحتاجين والفقراء من أهل الذمة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز ولا يجزئ أن تدفع الزكاة لكافر إلا إن كان من المؤلفة قلوبهم، على خلاف بين أهل العلم في ذلك، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 8468، 93188 ، 5331، 97467.
وفي الوقت نفسه فقد أمر الإسلام بالإحسان في معاملة أهل الذمة، وراجع في هذا المعنى الفتويين رقم: 61853، 96335.
وأما بخصوص السؤال عن تكفل الدولة الإسلامية بالمحتاجين والفقراء من أهل الذمة، فجوابه يتضح من عمل الخلفاء الراشدين الذين أمرنا أن نستن بسنتهم، كالعمرين: ابن الخطاب وابن عبد العزيز.
فقد روى البلاذري بسنده في (أنساب الأشراف) عن إسماعيل بن أبي خالد أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رأى شيخاً من أهل الذمة يقوم على أبواب الناس يسألهم، فقال: ما أنصفناك، أخذنا منك الخراج شاباً، فلما كبرت خذلناك. فأجرى عليه قوته من بيت مال المسلمين. اهـ.
وروى أبو عبيد القاسم بن سلام، وعنه ابن زنجويه، كلاهما في كتاب (الأموال) أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطاة: أما بعد، فإن الله سبحانه إنما أمر أن تؤخذ الجزية ممن رغب عن الإسلام واختار الكفر عتيا وخسرانا مبينا، فضع الجزية على من أطاق حملها، وخل بينهم وبين عمارة الأرض، فإن في ذلك صلاحا لمعاش المسلمين وقوة على عدوهم، وانظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: « ما أنصفناك ، أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك » قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه. اهـ.
والله أعلم.