عنوان الفتوى : أوصى أن يُحج عنه بعد موته
الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية : -للميت ورثة من الرجال : (ابن) العدد 3 -للميت ورثة من النساء : (بنت) العدد 4 (أخت شقيقة) العدد 2 - وصية تركها الميت تتعلق يتركته،هي: أوصت بذهبها لحجتها والباقي يوزع صدقة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن توفيت عن أربع بنات وثلاثة أبناء وأختين شقيقتين ولم تترك وارثا غيرهم، فإن التركة كلها لأبنائها وبناتها تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. {النساء : 11 }.
ولا شيء للشقيقتين، لكونهما محجوبتين حجب حرمان بالابن, فتقسم التركة على عشرة أسهم, لكل ابن سهمان, ولكل بنت سهم واحد.
وأما وصيتها بأن يحج عنها بالذهب ففيها التفصيل الآتي:
أولا: إن كانت المرأة لم تحج حجة الإسلام، فالواجب إنفاذ وصيتها، لأنه واجب عليها يخصم من التركة ـ وإن لم توص به ـ كما رجحناه في الفتوى رقم: 128212 .
ثانيا: تحسب تكلفة حج الفريضة من رأس مال التركة ـ كديون الآدميين ـ وليس من ثلث الوصية.
جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: فَدُيُونُ اللَّهِ ـ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ـ وَدُيُونُ الْآدَمِيِّينَ تَخْرُجُ بَعْدَ مَوْتِهِ من رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ أَوْصَى بها مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ عليه.
ثالثا: قيمة الحج التي تخصم من رأس مال التركة تخصم على أساس الحج عنها من الميقات وليس من بلدها قال النووي في المجموع: وإن وصى بحج فرض من رأس المال حج عنه من الميقات، لأن الحج من الميقات وما قبله تسبب إليه. اهـ.
رابعا: الصدقة التي أوصت بها بقولها: والباقي صدقة ـ تحسب من ثلث الوصية، فإن زاد الباقي على الثلث لم يمض الزائد إلا برضا الورثة.
جاء في الإقناع من كتب الحنابلة بعد أن ذكر أن الواجبات كالحج يخصم من رأس المال: فإن وصى معها بتبرع اعتبر الثلث من الباقي بعد إخراج الواجب.اهـ.
خامسا: إن كان الحج الذي أوصت به حج تطوع وليس حج فريضة ففي صحة وصيتها قولان لأهل العلم أظهرهما صحة الوصية به ويحسب من ثلث الوصية.
جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ عُمْرَتِهِ أَوْهُمَا فِي الْأَظْهَرِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ جَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ، وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ.
قال الشافعي في الأم: وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عنه تَطَوُّعًا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذلك جَائِزٌ، وَالْآخَرُ أَنَّ ذلك غَيْرُ جَائِزٍ كما لو أَوْصَى أَنْ يُسْتَأْجَرَ عنه من يصلي عنه لم يَجُزْ، وَمَنْ قال لَا يَجُوزُ رَدَّ وَصِيَّتَهُ فَجَعَلَهَا مِيرَاثًا. اهـ.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.