المنافقون - (2) احذر ان يصيبك النفاق وانت لا تدري
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
ولعل أشد ما يبعث خشية النفاق في النفس هو عدم الشعور به إلا متأخرا إن حدث وشعر المنافق أصلا أنه منافق.. إن المنافقين يكذبون ويخادعون حتى تتشرب قلوبهم الكذب في نهاية الأمر وحتى يكادوا أن يصدقوا كذبهم فلا يشعروا بمصيبتهم ولا يدركوا حقيقة خديعتهم تأمل وصف ربك لهم.. {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9].. {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ}[البقرة: 12].. {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13].. هذه الخصلة أزعم أنها أشد خصالهم إخافة لا منهم ولكن عليهم بل وعلينا وأحسب أنها ما جعل الفاروق عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة رضي الله عنه -وهو من ائتمنه الرسول صلى الله عليه وسلم على أسماء المنافقين- فكان يتحرى أن يتبيَّن منه قائلًا: أوقد سماني لك رسول الله؟ هذا صاحب رسول الله ووزيره يسأل خائفًا على نفسه من النفاق بينما يأمن كثير من الناس اليوم تمام الأمن من تلك الآفة ويظنون أنهم بمعزل عنها وكأن بينهم وبينها حجرًا محجورًا وحجابًا مستورًا.. يقول ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق! خصلة تدفعك لأن تجتهد أكثر في أن تتعوذ من النفاق كما تعوذ منه نبيك صلى الله عليه وسلم وتدعو ربك أن يجنبك إيَّاه فقد يصيب المرء شيئًا منه وهو لا يعلم وقد يخدع نفسه وهو لا يشعر.. انتبه وهو لا يشعر.