عنوان الفتوى : هل يبذل المال للحج أم لتعليم أولاده
خرجت متقاعدا من المؤسسة، وعند خروجي منحتني المؤسسة منحة وأردت أن أحج بها، ولكن لي أولاد صغار يدرسون، فهل أذهب إلى الحج أنا وزوجتي وأترك الأولاد على بركة الله؟ أم أستعمل هذا المال في تجارة وعندما تكون مربحة ـ إن شاء الله تعالى ـ يتسنى لي أن أصرف على أولادي لإتمام دروسهم ثم بعد ذلك أحج مع زوجتي؟ أريد من سيادتكم أن تنصحوني ماذا أعمل في هذه الحالة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحج واجب على الفور على من تحقق فيه شرط الاستطاعة، لقوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران:97 }.
وهذه الاستطاعة هي ملك زاد وراحلة أو ما يمكن به تحصيل ذلك من النقود، بشرط أن يكون فاضلا عن الحاجات الأصلية لك ولمن وجبت عليك نفقته، جاء في الدليل مع شرحه منار السبيل: أو ملك ما يقدر به على تحصيل ذلك - أي الزاد والراحلة - من النقدين أو العروض بشرط كونه فاضلاً عما يحتاجه من كتب ومسكن وخادم، لأن هذه حوائج أصلية، وأن يكون فاضلاً عن مؤنته ومؤنة عياله على الدوام، لأنها نفقات شرعية تجب عليه، يتعلق بها حق آدمي فقدمت، لحديث: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.
وقال في الروضة والكافي، إلى أن يعود فقط، وقدمه في الرعاية، قاله في الفروع، فمن كملت له هذه الشروط لزمه السعي فوراً، نص عليه - أي الإمام أحمد - فيأثم إن أخره بلا عذر. انتهى.
وبه تعلم أن هذه المنحة إن كانت فاضلة عن كفايتك وكفاية عيالك للحاجات الأساسية ـ من مطعم ومشرب وملبس ومسكن ودواء ـ فإنه يجب عليك الحج فورا ولا يجوز لك تأخيره، ومن النفقات الواجبة على الوالد نفقته على ولده في تعليمه ما يلزمه تعلمه، كما بيناه في الفتوى رقم: 114979.
وعليه، فإن كنت محتاجا لهذا المال في إقامة تجارة تستعين بربحها على تعليم أولادك ما يجب عليك أن تعلمهم إياه ولم يكن ما تكتسبه يكفي لهذا الغرض فأنت غير مستطيع للحج، وأما إذا كانت هذه الدروس مما لا يجب عليك بذل المال فيه أو كنت قادرا على النفقة عليهم بغير الاستعانة بهذه المنحة، فيجب عليك أن تبادر بالحج ولا يجوز لك تأخيره ـ كما مرـ واعلم أنه لا يجب عليك إحجاج زوجتك، فإن الحج إنما يجب عليها في مالها إن كانت مستطيعة، فإن فعلتَ وخرجت بها إلى الحج فهذا من البر والإحسان الذي تثاب عليه ـ إن شاء الله.
والله أعلم.