عنوان الفتوى : صلة الأقارب مع جفائهم أعظم لأجر الواصل
بسم الله الرحمن الرحيم أريد أن أسأل سؤالا: أنا أحب أبي وأمي كثيرا وأريد أن أبرهما فقد توفي أبي وأمي فقررت أن أصل من يحبونهم وقمت بهذا والحمد لله، ولكن عندما بدأت أصل أهل أمي شعرت بالإحباط فأنا بطبيعتي أحب كل الناس وأريد أن أجد في أهلي من يعوضني عن فقدان أبي وأمي، فذهبت إلى خالي باعتباره هو الباقي من العائلة فقد مات الجميع عمي وأخوالي وأبي وأمي ولم يبق إلا هو فذهبت إليه وقلت له إني أحبك مثل أبي فقابلني ببرود وعاملني أسوأ معاملة، وخالتي بخيلة جدا أكرهها فهي لا تعرف شيئا عن الحب فهي تعشق الفلوس فأنا حاولت أن أصلهم ومازلت أصلهم ولكن وأنا أكرههم بداخلي. ماذا أفعل بالله عليك يا شيخ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبرّ الوالدين من أفضل الأعمال التي تقرّب إلى الله، ومن برّهما بعد موتهما: الدعاء لهما والصدقة عنهما وصلة الرحم وإكرام أصدقائهما، فقد أحسنت حين حرصت على صلة رحمك، ولا مؤاخذة عليك فيما تجدينه من كراهية لهم بسبب أفعالهم السيئة لكن عليك المداومة على صلتهم بالمعروف ابتغاء وجه الله، ما لم يكن عليك ضرر، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِن الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِن اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفهم الملّ: تطعمهم الرماد الحار.
واعلمي أنّ صلة هؤلاء الأقارب مع جفائهم تكون أقرب إلى الإخلاص وأعظم للأجر، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الصَّدَقَاتِ أَيُّهَا أَفْضَلُ قَالَ: عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ. رواه أحمد.
والكاشح هو المضمر العداوة.
قال السفاريني: يعني أفضل الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وتصل من قطعك. غذاء الألباب شرح منظومة الآداب.
واعلمي أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.