عنوان الفتوى : شعرت أن شيئا خرج من دبرها وطافت للإفاضة
يا شيخ: حججت هذه السنة وعندما كنت أريد طواف الإفاضة توضأت وفي طريقي إلى الكعبة أحسست أن شيئا اندفع من فرجي ودبري ولم أتاكد هل هو بول؟ أم مجرد فقاعات؟ ولم أعد الوضوء وطفت، فهل طوافي صحيح؟ وهل يؤثر هذا على حجي؟ وماذا يجب علي الآن؟. أفيدوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان شعورك بخروج هذا الخارج مجرد وسوسة ووهم فلا تلتفتي إليه، بل أعرضي عن الوساوس وطوافك صحيح ولا يلزمك شيء، وكذا إن كنت تشكين في خروج شيء منك ولست متيقنة، فإن الأصل صحة طهارتك وهذا يقين فلا يزول بالشك، وأما إن كنت جازمة بأنه قد خرج من فرجك شيء، فإن وضوءك قد بطل بذلك ـ سواء كان هذا الخارج بولاً أو ريحاً أو غير ذلك ـ لأن كل ما خرج من السبيل ينتقض به الوضوء، قال النووي ـ رحمه الله: فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء ـ سواء كان غائطاً أو بولاً أو ريحاً أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ـ ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد، ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما نص عليه الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم، واتفق عليه الأصحاب. انتهى.
فإذا كان وضوؤك قد انتقض قبل أن تطوفي للإفاضة، فإن طوافك هذا لم يقع صحيحاً عند جمهور أهل العلم، لأن الطهارة من شروط صحة الطواف عند الجمهور، وفي المسألة قولان آخران: أحدهما: أن الطهارة للطواف سنة فقط، وطواف من طاف محدثاً صحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وترجيح العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ وهذا القول وإن كان مرجوحاً عندنا، لكن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وتعذر التدارك مما سوغه كثير من أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 125010.
والقول الثاني: أن الطهارة للطواف واجبة لا شرط يجبر تركها بدم إذا خرج الحاج أو المعتمر من مكة، وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد، وهذا القول أحوط من القول بأنها سنة مطلقاً، ولا نرى حرجاً في الأخذ به، كما في الفتوى رقم: 30070.
وعليه، فإن عليك أن توكلي من يذبح عنك شاة في مكة ويوزعها على الفقراء هناك، وعلى قول الجمهور ـ من أن الطهارة شرط ـ يلزمك الآن أن تقصدي مكة فتطوفي طواف الإفاضة، فإنه لا وقت لآخره عند الجمهور ويلزمك ـ كذلك ـ أن تسعي بعده إن كنت حججت متمتعة، أو كنت مفردة أو قارنة ولم تسعي بعد طواف القدوم فإن سعيك لم يقع صحيحاً، لأن من شروط صحة السعي عند الجمهور أن يقع بعد طواف صحيح، ولا يقربك زوجك حتى تفعلي ما أرشدناك إليه، لأنك لم تتحللي التحلل الثاني، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 117495، وفيها تفصيل لما ذكرناه وبيان لما يلزمك إن عجزت عن إتيان مكة وإعادة الطواف.
والله أعلم.