عنوان الفتوى : حكم سب الصحفيين الليبراليين والغلظة عليهم
بعض الكتاب في الإنترنت يهاجمون كتابا في الصحف بحجة أنهم ليبراليون, ويصفونهم بأنهم بغال العلمانية, ويقولون بأنهم حقراء وتافهون. وعند الحديث معهم يقولون بأن هذا السباب تجاه هؤلاء الصحفيين من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الدين الإسلامي القويم, هل هذا الكلام صحيح؟ وهل يجوز شتم الصحفيين من باب الغلظة عليهم، علما بأنهم مسلمون؟ شكرا لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الأصل في التعامل مع الناس كلهم هو القول الحسن لقوله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حسْناً. وإذا استحق أحد من الناس السب والتعنيف فلا يحملن ذلك المسلم على الفحش في القول. ففي مسند أحمد عن عائشة قالت: أتى النبي صلى الله عليه وسلم وناس من اليهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم. فقال: وعليكم. قالت عائشة فقلت: وعليكم السام والذام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة لا تكوني فاحشة. قالت: فقلت: يا رسول الله أما سمعت ما قالوا السام عليك؟ قال: أليس قد رددت عليهم الذي قالوا؟ قلت: وعليكم. صححه الألباني.
عن عائشة قالت بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا استأذن رجل من اليهود فأذن له فقال: السام عليك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك. قالت: فهممت أن أتكلم. قالت: ثم دخل الثانية فقال مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك. قالت: ثم دخل الثالثة فقال: السام عليك. قالت: فقلت: بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله قالت: فنظر إلي، فقال: مه، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش. قالوا قولا فرددناه عليهم فلم يضرنا شيء ولزمهم إلى يوم القيامة.. إلخ. صححه الألباني. السام: الموت والهلاك.
وفي الحديث: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وصححه الألباني.
كما ننبه إلى أن الغلظة المأمور بها في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ. {التوبة:73}، ليس فيها دليل على السب ونحوه وإنما المراد بها استعمال الحزم معهم، ثم اعلم أنه إن احتاج المسلم لسب هؤلاء فإن للسب ضوابط ،وأهم هذه الضوابط تحقيق المصالح الشرعية من ورائه فإذا لم يترتب على ذلك مصلحة أو كانت مفسدته أعظم من مصلحته منع، كما في قوله تعالى: وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ. {الأنعام:108}، ولا يعني هذا ترك بيان الحق للناس وتحذيرهم من المذاهب الباطلة وتفنيد أخطاء متبعيها، وانظر للمزيد من الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 30761، 16884، 104183.
وانظر في حكم الليبرالية ومناقضتها للإسلام الفتوى رقم: 51488، وما أحيل عليه فيها، ولكن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، فلا يحكم على أحد من هؤلاء بالكفر إلا بعد ثبوت اعتناقه لمبادئ كفرية، وبعد إقامة الحجة عليه وتوفر شروط التكفير وانتفاء موانعه.
وننبه إلى خطورة التسرع في التكفير، وقد سبق بيان ضوابطه في الفتوى رقم: 127300 وما أحيل عليه فيها من الفتاوى.
والله أعلم.