عنوان الفتوى : الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة
أوصاني والدي قبل وفاته إنه إذا توفي أن أتصدق بنحر عدد اثنين من الإبل وتوزيعها على الفقراء، فهل هذا جائز؟ وهل من الممكن التصدق بقيمة الجملين لإحدى المدارس أو المساجد لتكون صدقة جارية بدلاً من شراء الجملين ونحرهما، أو إذا كان هناك طريقة أخرى للصدقة على والدي تكون أفيد له في مماته، علما بأن المال الذي سيتم به شراء الجملين أو التصدق بالقيمة هو من مالي الخاص وليس من مال والدي؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدكم ولجميع موتى المسلمين، ولتعلم أن من تمام بر الوالدين إنفاذ وصيتهما بعد موتهما، فقد روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وغيرهما عن أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله أبقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما. والحديث تكلم بعض أهل العلم في سنده، وإذا كانت الوصية في غير مال والدك الخاص، فالأفضل تنفيذها إن استطعت ولكن ذلك ليس بواجب عليك.
وما دمت تريد تنفيذ الوصية من مالك الخاص، فإن الأمر يعود إليك، فإن شئت جعلته في صدقة جارية في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى ... أو توفير ماء لمن يحتاجونه، ولك أن توزع القيمة على الفقراء والمساكين فكل ذلك من الصدقة التي ينتفع بها الميت ويصله ثوابها، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 9998.
ولكن الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة؛ كما جاء في حديث أنس مرفوعاً: سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار. نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير.
والله أعلم.