عنوان الفتوى : البر بعد موت الأم ممكن وهل موتها يؤثر على رزق ولدها

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

بداية أنا مواطن مصري حججت بيت الله وكنت من أهل مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم في يوم من الأيام. وقد جاءني عرض للعمل في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم وشجعتني أمي لأني كنت خريجا جديدا وكنت محتاجا إلى أن أبني مستقبلي وأثبت ذاتي، مع العلم أن والدي كان متوفى وأنا العائل الوحيد لأسرتي المكونة من أمي رحمها الله وأختين أصغر مني اللتين لم تتزوجا إلي الآن، ولكن في وقت سفري كانتا لا تزالان تدرسان، واضطررت للذهاب إلي بلادي لرعاية شؤون أسرتي بعد صراع مع نفسي كبير، خاصة مع صعوبة استقدام أهلي للسعودية للقوانين هناك، مع أن والدتي كانت تشجعني على البقاء هناك، وعملت في بلدي وشاءت الأقدار أن أتعرف ببنت مصرية تعيش في الإمارات مع أهلها وأعجبت بأخلاقها في أول الأمر وذهبت لأهلها وخطبتها وشرطوا علي أنهم يرفضون العيش في مصر وأن الإمارات أحسن لهم، فاستخرت الله وعزمت الأمر على المضي في موضوع السفر بعد مباركة أمي على أن أستقدم أمي وأخواتي بعد ثباتي هناك، والقوانين في الإمارات تسمح بذلك، وبعد خطوبتي للفتاة لمدة ثلاثة أشهر وهي أيضا فترة عملي في الإمارات فؤجئت بأنهم يردون عقد القران في الإمارات، وكذلك أرادو التغيير من ما تم الاتفاق عليه من مبلغ يسمى القائمة عندنا بمصر- وهو المرادف للمهر مضافا إليه الأساس المنزلي- إلى ضعف المبلغ، إضافة إلي تغير أسلوب كلامهم معي إلي العنف مع أني كنت صريحا معهم ومستقيما من بداية الموضوع، وكنت أضع نصب عيني أن لي أخوات بنات في سن خطيبتي وقد أصابني هم وغم لكثرة ما أنفقت خصوصا وأنا كنت مدينا بجزء من ذلك وانقلب سروري حزنا، وانتقل ذلك لأمي وأخواتي، وبعد استخارة الله واستشارة أمي وأهل الخبرة قررت فسخ الخطبة وفوجئت بان أهل خطيبتي يرفضون إعطائي شبكتي مع أن الله يعلم أني صرفت فيها أكثر من طاقتي، وبعد شهر تقريبا توفيت أمي وذلك أحدث صدمة لي في حياتي وانطويت بعدها لأني حاسس أني السبب في ذلك لسفري بناء على طلب أهل خطيبتي و تركي لأمي وفشل خطبتي ودخلت في دوامة من الأسئلة وهي كالأتي: أولا: هل كان من المفترض أن أوافق على كلام وشروط أهل خطيبتي وتغيير ما تم الاتفاق عليه وأرفض نصيحة أمي؟ وهل أنا ظلمت البنت بتركي إياها؟ وما هو حكم الإسلام في الشبكة بعد الترك؟ثانيا: هل أنا آثم بتركي أمي التي أحبها بعد حب الله ورسوله وكانت تتمني تلاقيني قبل ما تتوفى ولكن القدر كان أسرع مني وأنا كنت بطيئا في السفر نظرا لحجز جواز سفري، مع العلم أني والله ما قصرت معاها في يوم أبدا وكانت تحبني جدا لأني ولدها الوحيد وكنت تحت قدمها. وما مدى صحة هذا الحديث جاء معاوية ابن جهامة السلمي فقال لرسول الله صلي الله عليه وسلم يا رسول الله أريد أن أجاهد؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسم: أمك حية؟ قال : نعم، قال: اذهب فبرها . ثالثا: هل وجودي بجانبها أثناء احتضارها كان سوف يساعد على تخفيف الألم عنها، مع العلم أني سوف أصاب بالجنون من كثر التفكير بهذا لأني حاسس أني قصرت وأهملت ويأتي أمام عيني: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فهل أنا أهملت رعيتي؟ رابعا: هل رزقي سوف يقطع بسبب وفاة والدتي مع العلم أنها كانت تدعو لي كثيرا؟ أرجو أن ألاقي إجابات أكثر من شافية. وهل هناك وسيلة للتكفير عن ذلك مع العلم أني محافظ على صلاتي وأتصدق كثيرا عليها، وأدعو الله أن يرزقني الشهادة في سبيله عاجلا لكي ألاقي الله ورسوله وأمي لأنني سئمت الدنيا وما فيها من معاملات خادعة. آسف للإطالة؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شيء عليك في فسخ الخطبة ورفض الشروط التي اشترطها عليك أهل خطيبتك، وليس ذلك ظلما ، وأمّا الحديث الذي ذكرته فهو حديث صحيح رواه ابن ماجه والنسائي والحاكم، وبهذا المعنى وردت أحاديث أخرى في الصحيحين وغيرهما تفيد أنّ برّ الوالدين مقدم على الجهاد غير المتعين، وأنّ سفر الولد لهذا الجهاد لا يجوز بغير إذن والديه، وذلك لأنّ السفر للجهاد مظنة الهلاك، أمّا السفر الآمن للتجارة ونحوها  فهو جائز بغير إذن الوالدين.

 قال ابن نجيم (الحنفي):  وَأَمَّا سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ لِأَنَّهُ ليس فيه خَوْفُ هَلَاكِهِ.  البحر الرائق.

وعلى كلّ حال أنت قد سافرت بإذن أمّك فلا حرج عليك، ولا تأثم بتركها ما دمت قد تركت معها من  يقوم برعايتها بعد سفرك.

أمّا وجودك معها حال الاحتضار فلا نعلم له أثرا على التخفيف عنها، و إنّما تختلف سكرات الموت حسب حال العبد من الإيمان والعمل الصالح، وقد يشدّد على المؤمن في السكرات زيادة في حسناته أو تكفيراً لسيئاته. وانظر الفتوى رقم: 71977.

واعلم أنّ برّك بأمّك ممكن بعد موتها وذلك بالدعاء لها والصدقة عنها وصلة الرحم من جهتها.

ولا أثر لموت أمّك على رزقك، فالرزق يبسطه الله ويقدره بعلمه وحكمته سبحانه، لكن التقوى و صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق، كما أنّ الذنوب من أسباب الحرمان من الرزق، وانظر الفتوى رقم: 64270

وننبهّك إلى أنّ قولك :( شاءت الأقدار) خطأ، والصواب : شاء الله، أو: قدّر الله.

والله أعلم.