عنوان الفتوى : ترك التحدث مع الأجنبي في أمور الحب وغيرها
سيدي: لقد تواصلت مع رجل في موقع إسلامي للزواج، حيث لا يسمح بتبادل الإيميلات ولا أرقام الهاتف الشخصية والتواصل يتم من خلال الموقع فقط، فإن توافق الشخصان اتصل الرجل بولي المرأة، وتواصلت معه بعد ما أبدى لي جديته ـ وعلى حسب قوله ـ فهو متخرج من جامعة للعلوم الشرعية، وقال إنه ذهب للحجاز ومكث مدة زمنية تعلم فيها علوم الدين على يد نخبة من الشيوخ، وقال إنه ذهب إلى مصر و حضر للشيخ محمد حسان ـ حفظه الله ـ وهو متزوج و أب لثلاثة أبناء و يريد الزواج بثانية اقتداء بالسنة، وسألته إن كانت زوجته الأولى موافقة، وهل يقدرعلى العدل و المساواة؟ فأجاب بنعم وسيوفقه الله لذلك حتما، لأنه على حسب قوله يريد العفاف وهو لا يريد أن يبني بيتا ليهدم آخر، ولو كان ذلك لما قبل الزواج ثانية، ولمدة عامين وهو يفكر في الأمر، سألته عدة أسئلة و بدى لي متدينا و متخلقا، كما أنه كان يلتزم بقوانين الموقع و طلب مني عنواني فأعطيته إياه، لأنه ينوي المجيء إلى بيتنا بعد عودته من عمرته بعد رمضان ـ إن شاء الله ـ و لكن ما حيرني كان كثيرا ما يشير لي من خلال كلامه أنه يحبني و يريد أن أكون من نصيبه، ولكن لم يقلها لي مباشرة، قال لو خير بعشر نساء جميلات وبيني لاختارني وقال إن قلبه مال إلي، وذكر حديثا للرسول عليه الصلاة و السلام أنه قال: من ألقى الله في قلبه حب امرأة فليتزوجها. و بحثت عن الحديث في النت فلم أجد له أصلا ولا أدري، هل هذا فعلا حديث منسوب للرسول الكريم أم لا؟ ومدى صحته، لقد كلم أباه عني فوافق، والظاهرأنه يريد فعلا أن أكون من نصيبه و يخشى عدم حصول ذلك ومتخوف من رفض وليي و يريد أن أساعده في ذلك و يخيفه أيضا أن يحصل له مكروه إن لم يكن فيه نصيب بيننا، وهو لم يرني و لم أسمح أبدا له أو لغيره أن يراني خارج نطاق الشرع ولم أتواصل معه لدرجة التعلق لكنه بدا كذلك، والوسط الذي أعيش فيه غير ملتزم و بعد أن من الله علي بنعمة الهداية أخشى على نفسي من الضعف والعودة، فليس لي أحد من أقاربي يساندني و يشجعني وأخاف أن يؤثرعلي محيطي، لذلك ارتأيت أن الحل في الزواج من الرجل الصالح، وأخاف أن أفوت الفرصة علي، لأن زماننا قل فيه الصالحون لشدة الفتن والمغريات، و للأسف ليس لي أحد أشكو له همي سوى الله، وليس من عادتنا أن يخطب الولي لوليته إن أعجب برجل صالح فليس عندنا هذا ولا حتى من النساء، أود فعلا أن يرزقني الله زوجا متخلقا و صالحا، لأنني أتألم كثيرا و أخاف على نفسي، لدي دين في المال والصوم و الصلاة وتخالجني أفكار بأنني لست صالحة، فكيف يكون لي الرجل الصالح، وليس لي حل سوى الزواج، لانني وحيدة وسط بيئة غريبة، والنفس البشرية تحتاج لنفس مثلها تقترب منها و تواسيها، لقد استخرت الله تعالى وهو كذلك، والآن أريد رأيك في موضوعي سيدي والحكم في كل هذا، و جزاك الله كل خير، أنتظر ردك شيخي بفارغ الصبر، كما أرجو منك الدعاء لي، و رمضان كريم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك التيسير في سائر الأمور ونسأله سبحانه أن يمن عليك بزوج صالح يعينك على طاعة ربك.
واعلمي أيتها السائلة أن ما يحدث بينك وبين هذا الرجل من محادثات أمرغير جائز وهو ذريعة كبيرة للشر والفساد, وراجعي في ذك الفتاوى التالية أرقامها : 121866 , 121135 , 3672, وقد بدت أمارات الفتنة في حديثه فيما ذكرت من تعريضه لك بالحب وإيثارك على غيرك من النساء وخوفه من أن يصاب بمكروه إن لم يتزوجك, وهذا كلام لا يجوز أن يصدر من عوام المسلمين، فكيف بطالب العلم الشرعي الذي يعلم قطعا أن هذا لا يجوز؟ لا شك أن هذا مما يقدح في أخلاقه وينال من عدالته, فاتقي الله سبحانه واقطعي علاقتك بهذا الرجل، فإن كان جادا في رغبته في الزواج منك فإنه سيتقدم لخطبتك من أهلك.
فإن تقدم لك وتوسمت فيه الخير والصلاح فلا مانع من القبول بالزواج منه ـ بعد الاستخارة ـ والأولى أن تسألوا عنه أولا من يعلم أحواله، أما هذا الحديث الذي استدل به فإننا لم نعثر ـ فيما بين أيدينا من مصادر ـ على حديث بهذا اللفظ, ولكن المشهورعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى هو قوله: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
وفي الختام نذكرك بضرورة التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به والإلحاح عليه في الدعاء أن يرزقك بزوج صالح يكون عونا لك على أمور دينك ودنياك, ونذكرك أن الزوج الصالح من نعم الله سبحانه ونعم الله لا تنال إلا بطاعته.
والله أعلم.