عنوان الفتوى : صرف المال في وجوه الخير أم الإنفاق على النفس
أنا موظف وراتبي جيد ـ والحمد لله ـ وقد تيسر لي وجه من وجوه الخير يحتاج لربع راتبي تقريبا كل شهر، وأحب أن أكون من المساهين فيه، ولكن المشكلة أن علي التزامات بدفعات لبيتي الجديد والتزام مع أهلي وأنا مقبل على الزواج السنة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ ولايوجد علي أي دين ـ ولله الحمد ـ فقط التزامات شهرية، فهل التزامي بوجه الخير هذا يعتبر من الإسراف والتقصير في تدبير أموري وما أنا مقبل عليه من زواج وتجهيز بيت؟ أم أتوكل على الله وأحاول الجمع بينهما؟ علما أنني في هذه الحالة لن أتمكن من توفيرالمال كما يجب وإنما سيقل التوفير كثيرا، ولكنني مرتاح وسعيد جدا بهذه الصدقة التي يسرها الله لي، علما أنني أعمل بالغربة بعيدا عن بلدي، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صرف المال في وجوه الخير ابتغاء وجه الله لا يعد من الإسراف ولا من التقصير في تدبيرالأمور، ولا شك أنك إذا استطعت الجمع بين المسائل التي ذكرتها من غير أن يتأخر مشروعك للزواج كان ذلك أفضل لك، وإن لم يمكن ذلك، فإنا ننصحك بتقديم تجهيز بيت الزوجية على تلك المساهمة الخيرية، وذلك لأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة، كما صرح بذلك أهل العلم.
وكذلك فإن الزواج ـ فضلا عن كونه قربة من القربات ـ فيه صيانة للنفس، وكف لها عن المحظور، وسد لباب الفتنة, فهو أولى ما ادخرت المال لأجله، وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتنة والفساد, وقد ذكرت أنك تعيش في غربة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه.
واعلم أن إنفاقك على نفسك بما تحتاج إليه هو أيضا من الصدقة التي تؤجرعليها ـ إن شاء الله ـ إذا صلحت نيتك فيها ـ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار، قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك، قال:عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال:عندي آخر، قال: أنت أبصر. رواه النسائي وأبو داود وأحمد وحسنه الألباني.
والله أعلم.