عنوان الفتوى : الحد المأذون به في تأخير صلاة العشاء
لطبيعة العمل تفوتني صلاة العشاء. فهل من المحبب تأخيرها ولأي وقت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن الصلاة في جماعة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين، إلا من عذر، فإن كان لك عذر يبيح ترك الجماعة كما لو استؤجرت على مال تخشى من ضياعه أو تلفه إذا صليت في جماعة، فإنه يرخص لك في تركها، وأما إن لم يكن لك عذر يبيح ترك الجماعة فلا يجوز لك تركها، بل تجب عليك المبادرة إليها. وانظر لذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 55588، 60743، 14106.
كما لا يجوز التهاون في صلاة العشاء في جماعة بحجة أن تأخيرها أفضل، فإن الواجب لا يترك لفعل مستحب، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: يجب على كل مسلم أن يصلي مع الجماعة صلاة العشاء وغيرها، ولا يجوز تأخيرها والاشتغال بالعمل، لأن أداءها في الجماعة أمر واجب، فلا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة إلا بعذر شرعي، كالمرض ونحوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر. قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. انتهى.
وقد بينا الحال التي يُستحب فيها تأخير العشاء في الفتوى رقم: 58305.
ثم إذا فاتتك العشاء لعذر، فإن تأخيرها إلى ثلث الليل مستحب، وما بعد نصف الليل وقت ضرورة للعشاء لا تؤخر العشاء إليه إلا من عذر، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الواجب على المسلم أداء الصلوات الخمس في وقتها جماعة في المساجد مع المسلمين، أما وقت العشاء الاختياري فيبدأ من غياب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، كما أن الوقت الاضطراري يمتد إلى ما قبل الفجر. انتهى. وانظر للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 118179.
ودليل استحباب تأخير العشاء في حق المنفرد والجماعة إذا لم يشق على المأمومين إلى الوقت الذي ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل، أو نصفه. رواه الترمذي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة -أي: أخر صلاة العشاء حتى اشتدت ظلمة الليل- حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي. أخرجه مسلم.
والله أعلم.