عنوان الفتوى : مايلزم الورثة إذا كان المورث لم يخرج الزكاة عدة سنوات
والدي لم يدفع الزكاة بعد عودته من الكويت منذ شهر أغسطس 2003 وتوفي في 31يناير2009 وكان عنده مبلغ وديعة 132 ألف جنية وكان يخرج منها ريع كل 5 شهور يصرفها نظرا لمرضه ولاعتقاده أنه يحتاجها وقد مات فعلا بسبب هذا المرض، وقد كان لديه أيضا محل وشقتان بحوالي 250 ألف جنية وقد كان يؤجرهم للغير وكان أيضا يصرف ما يأتي له منهم بسبب المرض، والآن لا أعلم ما هو النصاب وما الذي يجب أن يخرج عنه من الزكاة وما لا يجب، فالبعض يفيد أن هذا ليس عليه إلا زكاة عام واحد والبعض يقول الزكاة تخرج عن 6 سنوات هذا أمر . وأما عن التركة نفسها البعض يقول يجب إخراج الزكاة عن الوديعة فقط والبعض يقول الزكاة تخرج عن الكل والرأي الآخر يقول الوديعة تعد كالشقة والمحل وعائدها كان يصرف فليس عليها زكاة. وسؤالي هنا ما هو النصاب وكم عدد السنين التي يجب خروج الزكاة عليها وكم ستكون وهذا هو سبب ذكري التركة وما لها من سعر حتى تحددوه سيادتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهكَ أولاً إلى أمر مهم، وهو أنه لا يجوز أن يتكلم في دين الله إلا من يعلم الأحكام الشرعية على وجهها، وأما أن تكون الفُتيا كلأً مباحاً يرعاه كلُ أحد، فهذا من أعظم الخطر، وأكبر أسباب فساد الدين والدنيا، فإن منصب الفُتيا منصبٌ خطير، والمُفتي يوقع عن الله عز وجل، ومن ثمّ فلا يجوزُ أن يتصدرَ للفُتيا إلا مُتأهلٌ يُفتي بما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة، وقال به أئمة العلم، فلا يجوزُ لكَ أن تُلقي أذنك لكل من يُفتي عن جهلٍ وهوى، بل عليك ألا تستفتي إلا أهل العلم الراسخين فيه، قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
وأما بخصوص تركة والدكَ رحمه الله، فما تركه من أموال نقدية يجبُ إخراج الزكاة عنها عن كل هذه السنين التي تركَ إخراجها فيها.
واعلم أن تاريخ الزكاة يُحسبُ بالتاريخ الهجري لا الميلادي كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10550.
والواجبُ أن تُخرجوا الزكاة من تركة والدكم رحمه الله قبل قسمتها كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 102613.
وتخرجون زكاة جميع السنين الماضية التي لم يُخرج أبوكم زكاتها، فإن الزكاة لا تسقطُ بالتقادم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 8995.
مع الاجتهاد في الاستغفار لأبيكم، والدعاء له بأن يتجاوز الله عنه ما فرط فيه عن تأخير الزكاة عن وقتها، فإن تأخير الزكاة بعد أن يحول الحول لا يجوز، وانظر الفتوى رقم: 101215.
وما ذُكر لك من أن هذا المال لا تجبُ فيه الزكاة كلامٌ غير صحيح، فإن المال الذي من شأنه النماء، تجبُ فيه الزكاة ولو لم يُنمَ بالفعل، كأن كان مُدخرا للنفقة ونحوها، وقد بينا وجوب الزكاة في المال المدخر في فتاوى كثيرة وانظر الفتوى رقم: 8152والفتوى رقم: 1408. فكيفَ وقد كان أبوك يُنمي هذا المال بإيداعه في البنك، فإن كان البنك الذي أودع فيه المال بنكاً إسلامياً فلا إشكال، وأما إن كان بنكاً ربوياً، فالواجبُ عليكم أن تجتهدوا في الاستغفار لأبيكم مما أكل من الربا، فإن أكل الربا من أعظم الموبقات، وأكبر الآثام والعياذ بالله، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وشاهديه وكاتبه. رواه مسلم.
وإن أمكنكم تمييز الفوائد الربوية من متروكه فالواجب أن تتخلصوا من جميع تلك الفوائد ثم تكون الزكاة في الباقي.
وأما ما تركه أبوك من المحل والشقتين فلا تجبُ فيه الزكاة لأنه معدٌ للقنية والتملك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس على الرجل في عبده ولا فرسه صدقة متفقٌ عليه، وانظر الفتوى رقم: 120400.
هذا ولا ريب في أن المال النقدي الذي تركه أبوك هو يزيد على النصاب بكثير، فإن النصاب يتم ببلوغ المال قيمة 85 جراما من الذهب الخالص تقريبا وانظر الفتوى رقم: 97710والفتوى رقم: 108367.
والواجبُ عليك أن تحسب السنين التي ترك أبوك أداء الزكاة فيها ثم تُخرج ربع عشر المبلغ المذكور عن كل سنة، فلو فرضنا أن السنين ستة، وربع العشر 2.5% ، فحاصلُ ما يجب عليكم إخراجه هو 15% من قيمة المبلغ المذكور.
والله أعلم.