عنوان الفتوى : الرد على من زعم أن بعض الفاضلات الصحابيات زنين
هل صحيح ما تدعيه بعض الفرق الضالة من أن: 1-النابغة سلمى بنت حرملة قد اشتهرت بالبغاء العلني ومن ذوات الأعلام وهي أم عمرو بن العاص.2-هند بنت عتبة وقد اشتهرت بالبغاء السري في الجاهلية هي زوجة أبي سفيان, وابنها معاوية. 3-ميسون بنت بجدل الكلبية هي أم يزيد بن معاوية, كانت تأتي الفاحشة سرا مع عبد لأبيها ومنه حملت بيزيد. 4-أمنة بنت علقمة بن صفوان هي أم مروان بن الحكم كانت تمارس الزنا مع أبي سفيان فولدت مروان. أرجو الرد على
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن من رأى الزنا بعينيه ولم يكتمل معه نصاب الشهداء الأربعة أنه يحرم عليه الكلام بما رأى وتيقن، فإن شهد به في هذه الحال فحكمه عند الله أنه كاذب، كما قال تعالى: لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ. {النور:13}. فما بال من يرمي الناس بالإفك ويشهد بما لم يره، فهذا حكمه بينه الله تعالى : وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. {النور:4}. وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. {النور:23}.
والاتهام بالزنا يستلزم الطعن في الأنساب، وهذا من أمور الجاهلية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. رواه مسلم.
ومما يبين كذب هذه الدعاوى أنه يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه لما قال لهند بنت عتبة: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني. قالت: أو تزني الحرة ؟! رواه أبو يعلى وابن سعد وأبو نعيم وغيرهم من عدة طرق، ذكرها ابن الملقن في البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، وابن حجر في الإصابة، وفي تلخيص الحبير، وفي بعضها قالت هِنْدُ: أو تعلم في نِسَاءِ قَوْمِك من هذه الْهَنَاتِ شيئا. اهـ.
قال ابن القيم في زاد المعاد: البغاء إنما كان على عهدهم في الإماء دون الحرائر ولهذا قالت هند وقت البيعة: أو تزني الحرة. اهـ.
وذكر العراقي في طرح التثريب عن عمر قوله: لو كانت قلوب نساء العرب على قلب هند ما زنت منهن امرأة قط. اهـ.
وعلى أية حال فالكذب ليس له سقف ينتهي إليه، والدعاوى التي لا تقوم عليها البينات أصحابها أدعياء، ورحم الله عبد الله بن المبارك القائل: إن الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء !.
وقد سبق بيان حكم من سب الصحابة في الفتوى رقم: 2429.
والله أعلم.