عنوان الفتوى : أحكام متعلقة بمن ينكر أمورا معلومة من الدين بالضرورة
إذا ظهر بأسرة من يقول بعدم صحة السنة، وأنهم يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصلي الجمعة لذلك، ويفسر القرآن بجرأة وسذاجة وغيرها من الأمور، فلا يترحم على والده الميت لأنه –حسب زعمه- لا يدري كيف حاله مع الله، ولا يدعو لأمه رغم أنها هي التي تنفق عليه، يدخل برأيه في كل أمر حتى في الزكاة جعلها الخمس، ومرة يدفعها ومرة لا يدفعها (زكاة العسل) .. ماذا يمكن لهذه الأسرة أن تفعل. من يقيم عليه الحجة؟، وهو أصلا لن يذهب لأي شيخ ولا يقتنع بأي شيخ.. ما حكم بقائه مع المحارم من نساء هذه الأسرة؟ ما حكم تغسيله وتكفينه وإقباره إذا مات؟ ما حكم توريثه في حالة وفاة أحد أفراد الأسرة؟ كيف تخلي الأسرة مسئوليتها تجاهه أمام الله عز وجل؟ وهو يقارب الأربعين ولا يريد الزواج ولا الخروج للعمل، ويظل أكثر وقته ما بين اللف في المنزل وبين النوم، ويمضي وقتا طويلا بدورة المياه. وله أحوال غريبة والأهل لا يدرون هل مسه شر، أم حدث خلل عقلي عنده، أم اختلت العقيدة لديه، هل هو مريض مسكين، أم مجرم في حق نفسه لأن أحواله متغيرة.. برجاء الإجابة بشكل محدد وعدم التعريض وتعميم الأحكام، لأننا في مصيبة وقد راسلت الكثيرين من أطباء النفس والمشايخ ولكن الإجابات لا تشفينا إذا أجابوا أصلا.. مع العلم بأنني على قدر معقول من العلم الشرعي، ويمكنني فهم ما تنصحون به إن شاء الله تعالى.. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أخبث هذه المقالة، وما أشد خطرها على الإسلام، فإن القول بعدم حجية السنة لا يريد قائلوه إلا اجتثاث شجرة الإسلام من جذورها، فلا حقق الله لهم مطلبا، وإذا كان العلماء قد صرحوا بتكفير منكر الحديث المتواتر والمكذب به، فكيف بمن أنكر السنة جملة!
وأما إنكار مقدار الزكاة الذي شرعه الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون على العمل به فإنكار للمعلوم من الدين بالضرورة، وحكم منكر المعلوم من الدين بالضرورة معلوم.
وأما تركه شهود الجمعة وتركه الترحم على والده والدعاء لوالدته فهو من لوازم هذه العقيدة الخبيثة الباطلة. وقد بينا حكم من ينكر السنة وبطلان مقالته في فتاوى كثيرة سابقة وانظر منها الفتوى رقم: 113169، والفتوى رقم: 99388.
والذي يظهر لنا أن صاحب هذه المقالات ليس مصابا بمرض نفسي، وإنما تسلط عليه الشيطان وزين له الباطل، وأوحى إليه زخرف القول فصار من الغاوين، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً. والواجب مناصحة هذا الإنسان، وأن يتصدى له من كان راسخا في العلم ليزيل ما عنده من الشبهات، فإن أعرض وأبى وأصر على عناده واستكباره فهو مرتد لا تؤكل ذبيحته، ولا يرث المسلمين من قرابته ولا يرثونه، ولا يُصَلّى عليه إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين. وعلى ولي الأمر أن يستتيبه فإن تاب وإلا أقام عليه الحد. وليست إقامة الحدود لآحاد الناس وإنما هي لولاة الأمر، وعلى أسرته المحيطين به أن يجتهدوا في مناصحته، فإن يئسوا منه فعليهم أن يهجروه ليحفظوا دينهم من وسوسته ولغطه، ولعله أن يرتدع وينزجر، وأما المحرمية بينه وبين نساء البيت كأمه وأخواته فالظاهر أنها باقية، وهو قول أبي حنيفة والشافعي كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني. ودليل من قال بانتفاء المحرمية بين الكافر والمسلمة وهم الحنابلة غير ظاهر. ونسأل الله أن يهديَ ضال المسلمين، وأن يرد إلى الحق من شرد منهم.
والله أعلم.