عنوان الفتوى : وجوب رد الدين والمصاريف التي نجمت بسبب المماطلة
استلف (ف) من (خ) 1500 جنية عام 1982وأقر كتابيا بردها في أقرب فرصة ممكنة ولكن تأخر في السداد 7 سنوات برغم إلحاح (خ) المستمر عليه في السداد لحاجته الشديدة لهذا المبلغ. ولمعرفة (خ) الجيدة ب (ف) حيث علم منة أنه قد استفاد جيدا من المبلغ المستلف لأنة أدخله في شراء ارض في مدينة ساحلية وبنى منزلا عليها وبعد خمس سنوات باع هذا المنزل وربح منه جيدا ورغم ذلك لم يسدد (ف)ل(خ) ما استلف. قرر(ف) عام 1989أن يتنازل بالبيع عن نصف فدان أرض زراعية يملكها ملاصقة لنصف فدان أرض زراعية يملكها (خ) وذلك مقابل تسديد هذا الدين وتسويته حيث إن سعر نصف الفدان يساوى مبلغ الدين كما تيقن الشخصان من خلال مستوى الأسعار للفدان المعلن لهذه الأرض الزراعية المحددة في ذلك الوقت المحدد، لأي شخص يتقدم للشراء، وكان يساوى 3000 آلاف جنية مصري للفدان.عندما أراد (ف) الحج أعطاه (خ) غلته التي حفظها له كأمانة، ويبدو أن (ف) ولقدسية موقف الحج استشار (م2)، وهو علاقته ب (ف) و(خ) متساوية،إن كان يرد المبلغ ل(خ) أم البيع نهائيا فبادره (م2) بسؤال : ما كانت النية؟ فرد (ف) بأن النية"البيع". ومن ناحية أخرى أستمر (خ)، الذي كان يأمل باسترداد ماله، في إعطاء فرصة ل (ف) بالتراجع عن هذا الاتفاق بالبيع وذلك عندما جاءت فرصة ثانية ل(ف) بالحصول على دفعة مالية من خلال بيع عقار يمتلكانه معا مع آخرين، وكان (خ) مسؤولا عن توزيع الأنصبة، فأن (خ) أبلغ (ف) بإمكانية استقطاع المبلغ 1500 جنية من ثمن البيع لهذا العقار كمقاصة للعودة عن بيع نصف الفدان هذا لكن (ف) أصر على أنه باع نصف الفدان ومن ثم يرجو أن يصله نصيبه من بيع العقار كاملا وهذا ما فعله (خ) وقد تكرر ذلك الأمر مرة أخرى حيث تم توزيع الأنصبة على دفعتين. استمر (خ) في تحصيل غلة نصف الفدان لنفسه من بداية التسعينات وعند منتصف التسعينات تغيرت قوانين الأراضي الزراعية وبدأت في الزيادة وأصبح على مستأجر الأرض أن يدفع لمالكها زيادة لا بأس بها وبسبب هذا ارتفعت بصورة كبيرة أثمان الأراضي الزراعية وغلتها، حاول في ذلك الوقت (ف) العودة في البيع مع دفع الفائدة للألف وخمسمائة جنية ل (خ) كتعويض عن الفترة السابقة ولكن (خ) رفض ذلك، ونصح البعض في ذلك الوقت, إن كان (ف) يريد النصف فدان فعلية أن يشتريه من (خ) إن رغب في ذلك بسعر أواخر التسعينات. بعد فترة وجيزة توفي (خ) عام 1999 وطالب ورثة (خ)، الذين كانوا على علم بكل ما سبق وعاصروه، طالبوا (ف) بالتسجيل فوافق ثم تراجع بحجة أن قيمة الأرض الزراعية (نصف الفدان) كان يساوى 3000 آلاف جنيه وليس 1500 جنيه على أساس أنة قد نما إلى علمه أن الفدان كان ثمنه وقت البيع "عام1989" 6000 جنيه بذلك يصبح (خ) علية 1500 جنيه أخرى يدفعها لصالح (ف) حتى يمكن التسجيل لنصف الفدان هذا، وبما أن ثمن نصف الفدان أصبح 50000 ألف جنية بأسعار اليوم فإن (ف) يستحق 25000 جنية وهي تعادل قيمة 1500 جنية أخرى. وجود عملية بيع وشراء لا ينكرها الطرفان وتمت برضاهما سلفا، ولم يكن فيها خداع أو تدليس أو خلاف حيث توفرت النيات باليقين وبالأسعار المعلنة في ذاك الوقت وهو من شروط صحة البيع أن يكون الثمن معلوما للعاقدين وقت العقد، ولم يكن بها أي غبن أو اعتراض، حيث كانت عملية التنازل بالبيع هذه, هو اقتراح (ف) وتقدير الثمن أيضا، وتثبت ذلك البيع بالنية والفرص العديدة السالفة الذكر في العودة عنه، لذا فإنه يعلم أن ذلك البيع ينهى موضوع السلفة بما يعادل المثل التي استلفها وقت الاقتراض، والأصل المقرر في الفقه الإسلامي أن الديون تقضى بأمثالها وليس بقيمتها. والمعلوم أن الدين الثابت في الذمة يجب أن يرده المدين إلى الدائن بنفس عدده، فإن كان عليه ألف وخمسمائة، ثم انخفضت القوة الشرائية للألف وخمسمائة فصارت أٌقل من مائتين، فلا يجب على المدين أن يعوض الدائن عن هذا الفرق، ولا يجوز للدائن أن يطالب المدين بالتعويض إلا في حالة واحدة هي أن يكون المدين قد ماطل وهو غني في سداد الدين فإنه يجب أن يعوض الدائن عن الضرر الذي أصابه لأنه ظلمه بمماطلته. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ليّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته، ومعني ليّ الواجد أي مماطلة المدين الذي يملك ما يؤدي به الدين؛ أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وابن حبان وغيرهم. ومما سبق هل ل(ف) الحق في الزيادة أم البيع انتهى وعليه الموافقة بالتسجيل لورثة (خ)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ظهر لنا من سؤالك أن هذا البيع قد تم بين الطرفين المذكورين، وإذا تم البيع بشروطه المعروفة فإنه يكون صحيحاً وتترتب عليه آثاره ولو لم يُوثق ؛ لأن عدم توثيق البيع لا دخل له بالصحة أو البطلان، لأن مبنى صحة العقد على الإيجاب والقبول وتسليم العوضين ونحو ذلك من أركان البيع وشروطه، وإن كان الأولى توثيق العقود لأن التوثيق هو سبيل حفظ الحقوق في هذه العصور، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 114070.
فعلى هذا فالواجب على البائع (ف) أن يبادر بتسجيل الأرض لورثة (خ)، ولا عبرة بما يدعيه أو يطالب به من أموال.
وينبغي أن يعلم أن مسائل النزاع لا يرفعها إلا حكم القاضي الشرعي، أو بالتحكيم الشرعي إن لم توجد محاكم شرعية.
وننبهك إلى أن قولك: لا يجوز للدائن أن يطالب المدين بالتعويض إلا في حالة واحدة...إلى آخر كلامك. غير صحيح بإطلاقه، والصواب أنه لا يحل للغني القادر على السداد أن يماطل في ردِّ الدَّين الذي عليه للناس، فإن هذا من الظلم، وقد نصَّ العلماء على أن الغني إذا تكررت منه المماطلة فإنه يفسق وترد شهادته، والواجب على المدين المماطل أن يرد الدين ويتحمل المصاريف التي نجمت بسبب مماطلته في أدائه كأتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي والتنقل والمواصلات ونحو ذلك، وأما فرض زيادة عليه فلا يجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23727، والفتوى رقم: 97791.
والله أعلم.