عنوان الفتوى : عدم مشروعية التلفظ بالنية
في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعته في قناة المجد للحديث من مختارات سنن النسائي (عن صيام التطوع) والذي يتكلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب عند عائشة رضي الله عنها وسألها إذا كان عندها من طعام فقالت له لا فقال لها إني صائم،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه مسلم والترمذي وأحمد والنسائي، ولفظ مسلم عن عائشة أم المؤمنين قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: هل عندكم شيء، قالت: قلت: لا، قال: فإني صائم... انتهى. ويمكن أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: إني صائم.. قد قاله من باب الإخبار، ولم نجد أحداً من الفقهاء وشراح الحديث نص على أنه قاله تلفظاً بالنية، ولم يعلم من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتلفظ بالنية عند العبادات، فلم يرد عنه فيما نعلم أنه كان يقول قبل الصلاة (إني سأصلي) أو نحو ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى بعدما بين أن التلفظ بالنية لا يجب عند أحد من الأئمة: ... ولكن التلفظ بها هل هو مستحب أم لا؟ هذا فيه قولان معروفان للفقهاء، منهم من استحب التلفظ بها.. ومنهم من لم يستحب التلفظ بها، كما قال ذلك من قاله من أصحاب مالك، وأحمد وغيرهما، وهذا هو المنصوص عن مالك وأحمد،.. وهذا هو الصواب فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول قبل التكبير شيئاً، ولم يكن يتلفظ بالنية، ولا في الطهارة، ولا في الصلاة، ولا في الصيام، ولا في الحج. ولا في غيرها من العبادات ولا خلفاؤه ولا أمر أحداً أن يتلفظ بالنية.. انتهى.
وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام لا يخالف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال في الحج (لبيك اللهم حجة)، لأن هذا ليس من قبيل التلفظ بالنية وإنما هو من باب التلبية بما أحرم به، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: ... إن التلفظ بها بدعة.. ولا فرق في هذا بين الحج وغيره، حتى الحج لا يسن للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العمرة، أو نويت الحج، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يلبي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنية، لأن التلبية تتضمن الإجابة لله، فهي بنفسها ذكر ليست إخباراً عما في القلب، ولهذا يقول القائل: لبيك عمرة أو لبيك حجاً.. انتهى.
ومما يدل على هذا أن الحاج أو المعتمر لو نوى شيئاً وتلفظ بخلافه فإن العبرة بما نوى لا بما تلفظ به.
والله أعلم.