عنوان الفتوى : الشك في التلفظ بالنذر
حالتي هي كالآتي: من شدة استقذاري وكرهي لنظام التعليم الجامعي قررت أن لا أعمل مهندسا مدنيا عندما أتخرج وعاهدت نفسي على ذلك، وبما أني موسوس وسوست أني قلت الآتي (أعاهد الله أن لا أعمل مهندسا مدنيا ومع أني لم أقل ذلك وأساسا لا أتصور نفسي وأنا أقولها إلا أن الفكرة ظلت تلاحقني هل عاهدت الله أم لا، وظلت نفسي تحدثني أنه من الممكن أن أكون حلفت ولكن لا أظن أني عاهدت الله، وهنا ظهرت وسوسة أخرى هل أنا حلفت أم لم أحلف، واجترتني الأخيرة إلى أن أحلف فعلا ومرتين أن لا أعمل مهندسا مدنيا، فقلت إذا حتى أستطيع أن أعمل علي كفارة العهد وكفارة اليمينين ولكني كلما قرأت الآيه (ومنهم من عاهد الله) قلت إنه لا يجوز لي أن أرجع عن عهدي، وحتى الآن أنا في الجامعة ولم أعمل مهندسا بعد ولكن فكرة أني عندما أنهي دراستي لن أعمل تجعلني بلا حافز للدراسة وتجعلني كالسجين مصابا بالإكتئاب، وإن قلتم لماذا ستكمل دراسة إن لم تكن ستعمل قلت أكمل طاعة لأبي وأمي، وأنا أكتب الآن ظهرت وسوسة أخرى أني من الممكن أن أكون عاهدت الله أن لا أعمل مهندسا بشكل عام مدني أو غيره، علما بأني في قسم مدني وهذه الوسوسه الأخيرة أصابتني بالإضطراب لأنني ربما إن لم أضعها في اعتباري فربما يكون تكفيري عن عهدي غير صحيح ولا أدري لماذا، فما الحيلة وأرجو أن لا تكون الإجابه بصورة عامة بل خصصوها علي حتى لا تدعوا مجالاً لتفكيري الوسواسي أن يوسوس لي في الإجابه وهل إذا عملت مهندسا مدنيا بدون تكفير عن السابق فهل ستكون أموالي حراما، إن كانت الإجابه ستكون مبنية على أني موسوس، فأرجو أن تجيبوا إجابه أخرى مبنية على أني لست موسوسا، وذلك لأني لا أعلم إن كنت موسوسا أم لا .. تحملوني قليلاً؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبما أنك لم تتلفظ بالعهد الذي أصابتك الوسوسة فيه فإنه لا يلزمك النذر ما دمت لم تتلفظ به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.. رواه البخاري ومسلم.
والشك في التلفظ بالنذر لا يلزم به النذر لأن الأصل عدمه، وإذا حلفت على عدم العمل في مهنتك ثم عملت بعد تخرجك فإنه يلزمك كفارة يمين فقط، وليس كفارتين أو ثلاثاً لأن المحلوف عليه أمر واحد وتكرار الحلف إنما هو للتأكيد فلا تتعدد الكفارة به، وإن لم تكفر عن يمينك فالمال الذي تكسبه من العمل مال مباح وليس حراماً، ولكن تبقى في ذمتك الكفارة ويلزمك إخراجها.
ثم إننا ننصح السائل الكريم بأمرين:
الأول: أن لا يشغل نفسه بشيء لم يقع بعد، فلا يشغل نفسه بما سيفعله بعد التخرج، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
الثاني: أن يعلم أن الوسوسة شرها مستطير وتدع صاحبها كأنه لا عقل له وفي مصاف المجانين، فاتق الله تعالى ولا تفتح على نفسك باب شر قد يصعب عليك إغلاقه، ولا بأس بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي، فربما كان وسوستك المفرطة ناتجة عن حالة نفسية، وقد جاءت الشريعة بالأمر بالتداوي.
والله أعلم.