عنوان الفتوى : الأذكار أسباب لحفظ العبد قد تتخلف لمانع
أنا قرأت أذكاري قبل ذهابي إلى السوق ومع ذلك قمرتني امرأة وسرقت حقيبتي، وفي مره أخرى قرأت صديقتي أورادها كاملة فسرقت في السوق، أنا سؤالي: كيف استطاعوا ذلك وأنا قارئة أذكاري ألا تحفظني الأذكار مع كوني قارئتها بإخلاص ومتيقنة أن الله حافظني من كل سوء فتعجبت العجب الشديد، أجيبوني أثابكم الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأذكار التي يرددها المسلم في اليوم والليلة هي أدعية وأسباب لحفظه من الأذى فهي سلاح للمسلم، ولكي يفعل السلاح فعله في العدو لا بد من توفر شروط كما قال المناوي في فيض القدير: فمتى كان السلاح تاما لا آفة به والساعد قوي والمانع مفقود حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من الثلاثة تخلف التأثير، فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه أو كان ثمة مانع من الإجابة لم يحصل التأثير. انتهى.
فالأذكار أسباب لحفظ العبد، وهذه الأسباب قد تتخلف لمانع ما كما قال المناوي أيضا: إما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء فيكون كالقوس الرخو فإن السهم يخرج منه بضعف، وإما لحصول مانع من الإجابة كأكل حرام وظلم ورين ذنوب واستيلاء غفلة وسهو. انتهى.
وكما أن الدواء الذي يتناوله المريض سبب للشفاء إلا أنه قد يأخذ الدواء ولا يشفى لمانع ما، فكذلك هذه الأذكار قد يقولها الإنسان ويتخلف عنه أثرها لعلة في نفسه لا يعلمها وليست العلة في الأذكار وربما أيضا تفعل تلك الأذكار فعلها ولكن لا يشعر بذلك قائلها، فهي قد تدفع البلاء كله، وقد تخففه. وذلك أن للدعاء مع البلاء ثلاثة مقامات أن يكون الدعاء أقوى من البلاء فيدفعه، أو يكون أضعف منه فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد لكنه قد يخففه، أو يتقاومان فيمنع كل منهما صاحبه. وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {الرعد:11}. قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه. انتهى.
فتلك الأذكار تحفظ العبد من أذى شياطين الجن والإنس، ولكن إذا جاء القدر المحتوم فإنه يقع، وتلك الأذكار أدعية كما ذكرنا، فإذا خرج الإنسان من بيته وقال دعاء الخروج: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل ... فهذا دعاء ولا يلزم منه أن يستجيب الله له ويعطيه عين ما طلب، فقد لا يعطيه الله عين ما طلب ولكن يصرف عنه من السوء ما لا يخطر له ببال، وقد يدخر له الثواب يوم القيامة. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 46023.
وأخيرا ننبه إلى أمر مهم وهو أن السائل رجل على ما جاء في بيانات السؤال وقد قال في سؤاله قرأت صديقتى فإن كان ما كتبه صحيحا وليس خطأ إملائيا فإنه لا يجوز للرجل أن يصادق امرأة أجنبية عنه، وانظر لهذا الأمر الفتوى رقم: 48990.
والله أعلم.