عنوان الفتوى : حكم من نذر أن يبول في ساحة عامة
كنت في الجامعة في السنة الثالثة وقد تعرضت للمضايقة من قبل الأساتذة ونظام الجامعة فنذرت عندما أتخرج أن أتبول في الساحة الخارجية للجامعة ولم أحدد متى سيتم في الليل أم النهار ، وتخرجت الحمدلله وتوظفت ولم أف بالنذر ، فأرجو منكم إفادتي في هذا النذر وماذا علي فعله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلتعلم أخي السائل أن نذرك هذا هو نذر معصية لا يجوز الوفاء به بإجماع الفقهاء. قال ابن قدامة في المغني ــ أثناء كلامه على أنواع النذورــ : الْقِسْمُ الرَّابِعُ ، نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ ، فَلَا يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا. انتهى.
و عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه أحمد والبخاري وأبو داود وغيرهما.
ومما يدل على أن نذرك هذا نذر معصية، هو نهيه صلى الله عليه وسلم عن البول في قارعة الطريق، فعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: اتّقوا الملاعن الثّلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطّريق، والظّلّ.
وفي حديث آخر قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: اتّقوا اللّعّانين ، قالوا: وما اللّعّانان يا رسول اللّه ؟ قال : الّذي يتخلّى في طريق النّاس أو في ظلّهم. رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني.
وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم.
وأما قارعة الطريق قال النووي في المجموع: فأعلاه، قاله الأزهري والجوهري وغيرهما، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه. اهـ
ولا شك أن الساحة الخارجية للجامعة من قارعة الطريق، وإذا ثبت هذا للأخ السائل فإن الفقهاء اختلفوا فيمن نذر نذر معصية هل عليه كفارة لنذره أم لا؟
القول الأول: أن ناذر المعصية لا يلزمه شيء سوى التوبة إلى الله، وهذا هو مذهب الشافعي في أظهر قوليه ومالك ورواية عن أحمد وجمهور العلماء.
قال ابن رشد في بداية المجتهد : اختلفوا فيمن نذر معصية، فقال مالك والشافعي وجمهور العلماء: ليس يلزمه في ذلك شيء. اهـ
قال الشربيني في مغني المحتاج: (وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ ) كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ، لِحَدِيثِ { لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْمَارِّ { مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ } ، فَلَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ إنْ حَنِثَ. اهـ
والقول الثاني : أنه يجب في نذر المعصية كفارة يمين وهو مذهب أبو حنيفة وأحمد
قال ابن قدامة في المغني : نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ ، فَلَا يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} وَلِأَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَحِلُّ فِي حَالٍ ، وَيَجِبُ عَلَى النَّاذِرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ .رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ .وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ .اهـ
واحتجوا بما رواه النسائي عن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين . والحديث اختلف في إسناده فضعفه النووي وصححه الألباني.
والقول الثاني هو الأحوط . فعلى الأخ السائل التوبة والكفارة.
والله أعلم.