عنوان الفتوى : فليذهب المال ولتبق الألفة والصلة فهي أسمى وأغلى

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

الشيخ العزيز حفطك الله ورعاك . لي استشارة عاجلة جدا جدا وأرجو الله عز وجل أن ترد علي فيها بسرعة . وهي ببساطة أنني كنت متزوجا مع أبي في الشقة لأنني أصغر الأبناء وجميع أخواتي متزوجون في شقق فاخرة ولقد ساعدني أبي كثيرا في نفقات زواجي . استمر هذا الحال حوالي ثلاثة شهور إلى أن تدخلت إحدى أخواتي بيننا وسببت مشاكل لا حصر لها بيني وبين أبي وظلت في أفعالها هكذا إلى أن ساءت العلاقة بيني وبين أبي جدا وهو للأسف دائما وأبدا يكون معها ضدي دائما وأبدا وذلك بدعوى أنها الكبيرة ويجب أن يقف بجوار الكبير ضد الصغير حتى لو كان الكبير هو المخطئ . للأسف هذه هي فلسفة أبي فهو طول حياته كان يفرق بيني وبين أخواتي ويفضلهن علي . المهم أنني في النهاية تركت له الشقة وخرجت أنا وزوجتي لشقة مفروشة بالرغم من شدة فقري واحتياجي . وبعد ذلك اكتشفت أنه قد كتب الشقة لأخواتي الأربعة دوني أي أنه استبعدني تماما منها بدعوى أنه قد ساعدني كثيرا وأن كل ما ساعدني فيه هو نصيبي وليس لي نصيب آخر . وسؤالي لك هل يصح شرعا لأبي أن يعتبر أن ما ساعدني به أثناء حياتي هو نصيبي من ممتلكاته أومن ميراثه وأن يحرمني من بقية حقي بالرغم من أن جميع إخوتي ميسوري الحال جدا، أما أنا ففي أمس الحاجة . وهل يجوز لي أن أشتكي أبي لفعلته هذه وأطالب بحقي الضائع أمام القضاء .أرجوك يا شيخ أن ترد علي بأسرع وقت ممكن حتى أرتاح من هذا العذاب . الشيخ الفاضل أعزك الله وأكرمك وجعل ذلك في ميزان حسناتك استكمالا للاستشارة العاجلة السابقة بخصوص أبي لي سؤال أخير وهو: 1- هل فعلا يجوز لأبي أن يجعل كل ما صرفه علي في حياتي علي سبيل المساعدة هو من نصيبي في أمواله بالرغم من أنه لم يتفق معي على ذلك ؟ أم هل يجوز له أن يعتبر أن ذلك كان من العطية لي ومن ثم يجب عليه أن يعطي أخواتي مثل هذه العطية عي طريق كتابة الشقة باسمهم بدعوى أن ذلك ليس ميراثا وإنما هو عطية لهم كما أعطاني من قبل بالرغم من أنهم جميعهم ميسوروا الحال وأنا الوحيد الفقير من بينهم). 2- وأخيرا هل يجوز لأبي أن يفضل أخواتي علي حتى في المعاملة بدعوى أنني أصغرهم سنا وأن الكبير دائما على حق، هل لهذا أصل في الإسلام أم أنه يجب أن يقف عدلا بيننا ومع المظلوم ضد الظالم بغض النظر عن مسألة السن هذه . وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يجعلك دائما فخرا للإسلام والمسلمين..

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فينبغي أن تكون العلاقة في إطار الأسرة الواحدة على أحسن حال من الألفة والمودة، وأن لا يجعل الأقارب سبيلا للشيطان أن يدخل بينهم فيشيع الشحناء والبغضاء، وإذا دار الأمر بين أن يذهب المال أو تذهب الصلة فليذهب المال وتبقى الصلة، فإنها أسمى وأغلى، وقد أحسن من قال مخاطبا زوجته:

ذريني ومالي إن عرضي وافر     * يقي المال عرضي قبل أن يتبددا.

 وارجع في فضيلة الرحم والأمر بصلتها الفتويين: 67510، 70530.

فإن كانت أختك فعلا قد سعت في إثارة البغضاء بينك وبين أبيك فلا شك أنها قد أخطأت بذلك وأساءت، ومع هذا فنوصيك بالصبر والمسامحة والسعي في الصلح بينك وبينها، والصلح بينك وبين أبيك أيضا فإن الصلح خير، وراجع الفتوى رقم: 50300.

واعلم أن الأب مكانته عظيمة فمن حقه بره والإحسان إليه على كل حال، فبره لا يسقط عن ولده وإن أساء إليه كما هو مبين بالفتوى رقم: 97807.

وما فعله أبوك من مساعدته لك في زواجك أو كتابته الشقة باسم أخواتك فهو عطية وليس بميراث لأن توزيع التركة إنما يكون بعد موت صاحب المال، فأما عطيته لك وإنفاقه عليك إن كان بسبب فقرك وحاجتك فهي هبة صحيحة ومعتبرة، فلا يجوز لأبيك اعتبار ذلك نصيبك من ممتلكاته أو أن ذلك كان جورا منه يقتضي إعطاء إخوتك مثل ما أعطاك، وراجع الفتوى رقم: 80813.

وأما عطيته لإخوتك دونك فهي أولاً عطية باطلة إذ لا يجوز له تفضيلهم عليك لغير مسوغ شرعي، وعلى فرض صحتها فالظاهر أنهم لم يحوزوها، وعلى هذا فهي لا تزال ضمن ممتلكات أبيك، ولو قدر أن حازوها في حياة الأب فلك الحق في رفع الأمر للقضاء، ولا يعد ذلك منك عقوقا لأبيك طالما أنك بقيت محافظا على بره والإحسان إليه، لكن الأولى السعي في حل المشكلة دون اللجوء للقضاء بتوسيط أهل الخير ونحو ذلك.

ولا شك أنه لا يلزم أن يكون الكبير دائما على حق، ولا ينبغي للأب التحامل دائما على الأصغر بحجة أنه الأصغر؛ ولكن قد يكون للأب حكمة في ذلك فلا ينبغي لابنه مؤاخذته بمثل هذا.

والله أعلم.