عنوان الفتوى : حرمان الوارث من نصيبه اعتداء على حدود الله
أمي يرحمها ربنا هي شكاكة جداً أي مريضة بداء الشك ونوع من أنواع الأنانية فهل يحق للأخ الأكبر أن يحجب عنها حقها فى الميراث، وذلك لأنها ليس لديها الإدراك الكافي لمساعدة أبنائها فى أي شيء ولكنها بطبعها عطوفة إلى حد ما لمن يهاودها على عقلها أي يريحها على كيفها وليس في غضب الله، فما هي رؤيتكم لهذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحل لأحد أن يمنع وارثاً من حقه في الإرث، فقد قال الله تعالى بعد أن بين أنصبة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:13-14}، أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. تفسير السعدي.
ثم إن ما وصف من حال هذه الأم لا يظهر منه شيء يوجب الحجر عليها، كالجنون أو العته أو الخرف أو السفه في إنفاق المال، وحتى لو ظهر منها سفه في إنفاق المال، فقد ذهب جمهور الفقهاء القائلين بالحجر على السفيه إلى أن الحجر عليه لا بد له من حكم حاكم، كما جاء في الموسوعة الفقهية.
ثم إننا نذكر السائل الكريم بعظم حق الوالدين، حيث قرنه الله بأعظم الحقوق حقه تعالى، ولم يرض لهما دون مقام الإحسان، فقال عز وجل: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، وقال تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأنعام:151}.
وسوء معاملة الوالدين للأولاد لا يسوغ عقوقهما، ولا يضيع حقوقهما، كيف وقد أمر الله بصحبتهما بالمعروف وإن كفرا واجتهدا في إيقاع الأبناء في الشرك بالله تعالى، كما قال عز وجل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، وعن معاذ قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال: لا تشرك بالله شيئاً وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك.... الحديث. رواه أحمد وحسنه الألباني.
والله أعلم.