عنوان الفتوى : اختلاف الفقهاء في وجوب الحج عن الميت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعدلي شقيق يعزّ عليّ، وقد حاول جاهدا أن يحج ولكن بدون جدوى وأخيرا توفاه الله فهل لي أن أحج عنه ومامدي مشروعية هذا العمل وهل يمكن أن يكون الحج إذا ما كان جائزا أن تقسم تكاليفه والأخذ من ورثته عن طيب خاطر أم أن هذا لايكون إلا من مال المتطوع بالحج عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الميت المسلم البالغ العاقل إن لم يتمكن من أداء حجة الإسلام لفقد شروط الاستطاعة المبينة في الفتوى رقم 6081، فإن الحج لم يجب عليه، ولا يلزم أحداً أن يحج عنه - ولو كان من ورثته - لا من ماله ولا من مال غيره إلا أن يحج عنه تطوعاً، فيجوز ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم.
وإن كان الميت قد استقر وجوب الحج عليه ولم يحج، فقد اختلف أهل العلم في وجوب الحج عنه، فقال أبو حنيفة ومالك: لا يحج عنه إلا إذا أوصى به، ويكون تطوعاً. وقال الشافعي وأحمد: يجب الإحجاج عنه من تركته، سواء فاته الحج بتفريط أو بغير تفريط، وسواء أوصى به أم لا، وهذا المذهب الأخير هو الراجح إن شاء الله، لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟. قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء".
ولأن الحج حق استقر وجوبه عليه وتدخله النيابة، فلم يسقط بالموت كالدين، ويكون ما يحج به من جميع ماله لأنه دين مستقر، فكان من جميع المال كدين الآدمي.
فإن لم يكن له تركة بقي الحج في ذمته، ولا يلزم ورثته الحج عنه، لكن يستحب لهم ذلك، فإن حج عنه الوارث بنفسه، أو استأجر من يحج عنه، أو حج عنه أجنبي ولو بدون إذن الوارث سقط عنه الفرض.
والله أعلم.