عنوان الفتوى : حكم تقبيل اليد
سمعت الكثيرين يعيبون تقبيل اليد، ويقولون إنها عادة تَدُلُّ على الذلَّة والخُنوع، وترمز إلى الرياء والنِّفاق، والمسلم مُطالب بالاعتزاز والترفع، فما رأيكم في هذا الموضوع؟وشكرا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
اختلفت النظرة لتقبيل اليد باختلاف الباعث عليها، فإن كانت لتوقير عالم أو لاحترام أب فلا بأس ، أما إن كانت نفاقا، ورياء، فهي عمل قبيح مذموم يُنهى عنه.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
تقبيل اليد من الأعمال التي يرجع الحكم فيها إلى الدافع إليها والمُحرض عليها، فإن كان قصد الإنسان من تقبيل اليد نفاقًا أو رياء، فهي عادة مذمومة ورذيلة قبيحة، وإن كان المراد هو التوقير والتعظيم، أو التعبير عن الحب والشكران، فهي عمل جميل لا بأس به.
ومن هنا يعرف السبب في اختلاف النصوص الواردة بشأن تقبيل اليد، فبعضها يُنَفِّرُ منها، مثل ما رُوي أن رجلاً دخل على هشام بن عبد الملك فقبَّل يده، فقال هشام: ما قبَّلتِ العربُ الأيدي إلا هُلُوعًا، ولا قبَّلتْها العَجَمُ إلاَّ خُضُوعًا، وما رُوي أيضًا أن رجلاً استأذن المأمون في تقبيل يده، فقال: إن القُبْلَةَ من المؤمن ذِلَّةٌ، ومن الذِّمِّيِّ خديعة، ولا حاجة لك بها أن تذلَّ، ولا حاجة بنا أن تُخدع.
وبعضها يُحبَّب فيها أوْ لا يرى بها بأْسًا، فقد رُوي عن عبد الله بن عمر قال: كنا نُقَبِّلَ يَدَ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن مصعب قال: رأيت رجلاً دخل على عليٍّ بن الحسين ـ رضي الله عنهما ـ في المسجد، فقبَّل يده، ووضعها على عينيه، ولم يَنْهَهُ؛ وقد قال الإمام الغزالي ما نصه: “ولا بأس بقُبْلةٍ يدِ المُعظَّم في الدين تَبَرُّكًا به وتوقيرًا له، ورُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قبَّلنا يد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن كعب بن مالك قال: لمَّا نزلتِ توبتي أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقبَّلتُ يده، ورُوي أن أعرابيا قال: يا رسول الله: ائذن لي فأُقَبِّلَ رأسك ويدك، قال: فأذِن له ففعَل، ولقي أبو عبيدة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ فصافحه وقبَّل يده، وتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ”.
فأنت ترى من هذا أن تقبيل اليد إذا أريد به غرضٌ كريم كان كريمًا، وهذا هو الأصل فيه، وإذا أُسيءَ استغلاله صار مرذولاً، شأن كل مقبول يُساء استعماله. وعلى هذا فما أجمل أن يُقَبِّلَ الإنسان يد والديه، أو أستاذه، أو مُرشده الروحي، أو الوليِّ الصالح، أو الرجل العظيم النافع، ولست أدري كيف يُفتتن أناسٌ بحضارة الغرب، التي ترى من الأدب أن يُقبِّل الرجل
يد المرأة، سواء أكانت حليلة أم خليلة، ثم نحمل حملةً عمياءَ على تقبيل اليد بيننا، دون تفريق بين ما أُريد به الرياء، وما أريد به الوفاء. أ.هـ
ويمكنكم مطالعة الفتاوى التالية:
تقبيل أيدي العلماء والوالدينِ
والله أعلم.