أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيفية التخلص من نوبات الاكتئاب في الصباح الباكر

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا شابٌ أبلغ من العمر 33 عاماً، قبل ثلاث سنوات فجعت بتشخيص أحد الأطباء أنني مصاب بالسرطان، وبدت حالتي من ذلك اليوم فقدان شهية واضطراب شديد في النوم، بحيث إنني صرت أخشى الفراش، حتى بعد أن أُخبرت أن ليس معي ذلك المرض، ما زالت الأعراض تزداد شيئاً فشيئاً.

بعد ذلك ذهبت إلى أحد الأطباء النفسيين ووصف لي السيبرالكس، واستمريت في تناوله لمدة سنة 10 ملغم، وكانت النتيجة مذهلة، لم تنتابني أي أعراض أثناء تناولي للسيبرالكس، واستطعت أن أتركه لمدة خمسة أشهر.

بعد ذلك حصل ظرف عائلي جعل الأعراض تعود، ورجعت إلى تناول السيبرالكس لمدة سنةٍ أخرى، وكانت كذلك النتيجة مذهلة، ولكن قبل أربعة أشهر عادت الانتكاسة مرةً أخرى، وقد كنت وقتها آخذ السيبرالكس 10 ملغم، فاضطررت أن أزيدها إلى 15 ملغم، ولكن لم تكن هنا فائدة!

فاضطررت إلى مراجعة طبيب نفسي آخر، فأخبرني بأن أستمر على السيبرالكس 15 ملغم، وأضاف إليه التريبتيزول ابتداءً من 10 ، ثم بعد أسبوعين أرفعه إلى 25 ملغم، ثم بعد أسبوعين آخرين 50 ملغم، وكذلك أضاف إليه الزاناكس، لكني رفضت أن أستخدمه لعلمي بأن له تأثيراً إدمانياً.

وأنا الآن مستمر على 20 ملغم سيبرالكس، و60 ملغم تريبتازول، لكن المفعول لم يكن مذهلاً مثل ذي قبل. أنام جيداً، لكن تعتريني نوبات اكتئاب وضيق في الصباح الباكر، علماً بأنني طول فترة معاناتي من المرض لا أحب العزلة، بل أذهب إلى الأصدقاء وأضحك معهم، أي: أني في فترة الصباح أكون مكتئباً، لكن بعد مرور بضع ساعات أعود إلى شخصيتي المرحة.

أمعقول أنني مكتئب؟ لا أستطيع في تلك الفترة أن أتخيل كيف أن الاكتئاب سيطر عليَّ في الصباح، وأنا الشخص المرح القوي على مقاومته بالضحك والأنس مع الأصدقاء؟ أي: أنني شاب مكتئب في أول النهار، وإنسان عادي بعد بضع ساعات من مرور الوقت الصباحي.

أرجو أن تفيدوني، ما هو الحل يرحمني ويرحمكم الله، مع العلم أن الأعراض الجانبية للتريبتيزول قد ظهرت عليَّ وأتعبتني خلال هذين الأسبوعين؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

فالذي استطعت أن أستخلصه من رسالتك هو أنك في الأصل لديك القابلية للمخاوف والقلق.

ثانياً: ظهور الأعراض الاكتئابية في الصباح ثم ذهاب هذه الأعراض في المساء، هو من السمات الرئيسية لما يُعرف بالاكتئاب النفسي أحادي القطبية، بمعنى آخر: أن الذي تعاني منه هو اكتئاب نفسي حقيقي.

لا أريدك أن تنزعج لذلك أبداً؛ لأن الاكتئاب النفسي الآن من الأمراض التي يمكن علاجها بفعالية كبيرة، والذي وددت أن أوضحه لك هو أن أملكك الحقائق العلمية؛ لأن الإنسان حين يلم بحالته ويعرف تفسيرها، هذا وجد في بحوث كثيرة أنه يُساعد في العلاج كثيراً.

أنا حقيقة أريدك أن تتذكر أنه وبفضل الله تعالى اتضح أنك غير مصاب بالسرطان، ولا شك أن اللحظة التي قال لك الطبيب فيها: إنك مصاب بهذا المرض كانت مؤلمة، وكانت مذهلة، بالرغم من أن الأطباء مطلوب منهم دائماً تطبيق فنيات معينة في حالة اكتشاف مرض خطير لدى إنسان، ويجب أن يتم إخطاره وتمليكه الحقائق باتباع منهج معين، ويظهر أن هذا الأخ الطبيب لم يوفق في ذلك.

الذي أريد أن تتذكره هو اللحظات الجميلة، واللحظات المفرحة، واللحظات التي جعلتك تنظر للحياة بأمل ورجاء وتشوق، هذه اللحظات هي حين اتضح أنك لا تعاني بفضل الله تعالى من مرض السرطان، فحاول أن تتذكر هذه اللحظات الجميلة؛ لأن تذكرك لهذه اللحظات لا شك أنه سوف يجعلك تشعر بالراحة وبالأمل، وأن الله تعالى قد حفظك من هذا المرض، ويجب أن تستشعر الوضع الأول الذي كنت فيه حين أخبرت بالتشخيص الكاذب -إذا جاز التعبير– وهي وضع الفرحة، فأرجو أن تعيش هذه اللحظات، ولا تتجاهل هذا الأمر؛ لأن التغيير السلوكي المعرفي لا يأتينا إلا إذا تذكرنا الأحداث الجميلة التي كنا لا نتوقعها، فأنت عشت في سوداوية في تفكيرك بصورة واضحة حين أخبرت بالتشخيص الذي اتضح أنه غير صحيح، وفي نفس الوقت يجب أن تعيش وتستذكر وتضخم وتجسم الفكرة المخالفة أو الشعور المخالف، وهو شعور الفرح حين أُخبرت بالتشخيص الصحيح.. هذه هي البداية.

بعد ذلك فيما يخص الاكتئاب، تذكر أن الاكتئاب هو مرض الآن يمكن أن يعالج، تذكر الإيجابيات الموجودة في حياتك، وأنا أيضاً لا أريدك أن تثبت هذه الخواطر في عقلك، أي: خاطرة أن الاكتئاب سوف يأتيك كل صباح، لا، لا تجلس كأنك تريد أن تستقبل عدواً، قل لنفسك (هذا العدو - إن شاء الله تعالى – لن يأتي بعد ذلك).

الرتابة في التفكير، واجترار الأفكار السالبة يجعل الإنسان أكثر تشاؤماً، وحتى حين تأتيك هذه اللحظات القابضة وغير المفرحة في الصباح قل لنفسك: (أنا سوف أكون في وضع آخر -إن شاء الله تعالى– بعد وقتٍ قصير من الآن، وسوف أكون فرحاً ومنشرحاً في المساء، ولكني يجب أن أبدأ هذا الانشراح من الآن)، هذه المخاطبات المعرفية مهمة جدّاً لهزيمة الاكتئاب.

ثالثاً: أرجوك أن تدير وقتك بصورةٍ فاعلة وإيجابية؛ لأن إدارة الزمن في أثناء اليوم، وتحقيق إنجازات معينة، والشعور باستثمار الوقت بصورةٍ صحيحة، هو من الأشياء التي تساعد كثيراً في علاج الاكتئاب، والتواصل الاجتماعي، والمشاركة في الفعاليات المختلفة، وممارسة الرياضة والصحبة والقدوة الطيبة، كلها - إن شاء الله تعالى – مفرجة للكدر النفسي.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فالسبرالكس Cipralex دواء ممتاز، وكذلك التربتزول Tryptizol، ولكن بكل أمانة وصدق لا ينصح كثيراً الجمع بين مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثل التربتزول والأدوية التي تمنع استرجاع الـ(سيروتونين Serotonin) بصورة انتقائية مثل عقار سبرالكس.

هذا مبدأ علمي، وإن كان البعض من الباحثين يرى أنه لا مانع من الجمع بين الدواءين، بشرط أن تكون جرعة ثلاثي الحلقات – أي: التربتزول – جرعة صغيرة حوالي خمسة وعشرين مليجراماً في اليوم.

أنا أريد أن أقترح عليك أن تغير كلا الدواءين –السبرالكس والتربتزول– وتنتقل إلى دواء آخر يُعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral)، ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، دواء يحمل مميزات كثيرة، لا أقول لك: إنه أفضل من السبرالكس، ولكن يظهر أن السبرالكس لن يقدم لك الكثير بعد ذلك، وهذا أمر متفق عليه علمياً، ومن خلال التجربة أن يحاول الإنسان دواء آخر.

فحتى تنتقل من السبرالكس والتربتزول إلى الزولفت ابدأ بتخفيض جرعة التربتزول إلى خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً لمدة أربع ليالٍ، ثم بعد ذلك توقف عن التربتزول، واستمر على السبرالكس لوحده، ثم بعد أسبوع خفض جرعة السبرالكس إلى عشرة مليجرام، وابدأ في تناول الزولفت بجرعة خمسين مليجراماً يومياً ليلاً، ويفضل بعد الأكل، واستمر على جرعة الزولفت مع عشرة مليجرام من السبرالكس لمدة شهر، ثم بعد ذلك توقف عن السبرالكس، وارفع جرعة الزولفت إلى حبتين (مائة مليجرام) ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع جرعة الزولفت إلى مائة وخمسين مليجراماً (ثلاث حبات) في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في مثل حالتك.

تناول الزولفت حبة واحدة في الصباح وحبتين ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض بعد ذلك جرعة الزولفت إلى حبتين في اليوم، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة (خمسون مليجراماً) يومياً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً كل يومين لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

إن شاء الله تعالى سوف تستفيد كثيراً من هذا المنهج الدوائي الجديد، وقد أوضحت لك طريقة استعماله بكل تفصيل، والزولفت هو دواء سليم وجيد، وسوف يفيدك بإذن الله تعالى.

أخي الكريم الفاضل! واصل في كل نشاطاتك الاجتماعية كما ذكرت لك، وحاول أن تدير وقتك بصورةٍ إيجابية، وكن دائماً إيجابياً ومتفائلاً في تفكيرك، واعرف أن الاكتئاب يمكن أن يُهزم، وعليك أن تتذكر اللحظات الطيبة الجميلة المفرحة حين اتضح أنك لا تعاني من مرض السرطان، وأسأل الله أن يشفيك، وأن يحفظك، وأن يعافيك.

وهناك علاجات سلوكية لمرض الاكتئاب يمكنك مراجعتها والوقوف عليها من خلال هذه الاستشارات:
(237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121)

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تداويت للتخلص من الاكتئاب ولكن لم أشعر بالتحسن 1338 الأحد 09-08-2020 06:15 صـ
لماذا استمرار القلق والاكتئاب رغم تغيير الدواء؟ 3072 الأربعاء 29-07-2020 04:34 صـ
كيف يتم استخدام دواء الرهاب والاكتئاب.. وكيف يتم إيقافة؟ 3591 الاثنين 27-07-2020 04:17 صـ
أريد تشخيص حالتي، فأنا أشكو من عدة أعراض نفسية. 4594 الثلاثاء 21-07-2020 06:18 صـ
ما علاقة دواء فافرين بالحكة الجلدية؟ 1316 الاثنين 20-07-2020 04:07 صـ