أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : هل الإحساس بمراقبة الناس لي مرض نفسي؟ وما العلاج؟

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة جامعية، لا أعرف كيف أشرح أو أصف ما أنا فيه، ولكن دائما ومنذ صغري أشعر بالوحدة، وعدم حب الناس لي، مع أنني أخاف كثيرا على مشاعر الآخرين، وأتعامل بلطف مع كل الناس، كان أبي وأمي يخافون علي من كل شيء، ويفعلون كل شيء بدلاً مني؛ لحرصهم على سلامتي بطريقة مبالغ فيها.

جعلوني أخاف من التعامل مع الناس بمفردي، مع أن أهلي ملتزمون ومنضبطون جدا، ومنذ الابتدائية كنت أسمع أقاربي يقولون: سأتزوج من قريب لي متدين وملتزم، وكنت أرى أني من نصيب بعضهم، وعندما التحقت بالثانوية تعرفت على فتيات غير منضبطات؛ فشعرت معهم بالحرية، وفعل كل شيء أخاف منه، وأتفنن في خداع أهلي، وقد عرّفنني على شباب، وفعلت أشياء كثيرة تغضب الله، وقد ندمت عليها كثيرا؛ لعدم اهتمام أهلي بمشاعري، وما أشعر به بداخلي، بالرغم من اهتمامهم الشديد بمظهري، وتعليمي القيم.

عندما علم أهلي بصديقات السوء أجبروني علي تركهن، فتركتهن، وكذلك الشباب الذين تعرفت عليهم، وعندما دخلت الجامعة كنت وحيدة بلا أصدقاء، ورجعت أشعر بالوحدة والارتباك، ومراقبة وانتقاد الناس لي، ومحاسبتي لنفسي على كل ما أقول أو أفعل، وهذا منذ صغري.

تعرفت على شاب يشبهني كثيرا، يخاف الله، ومهذب، ويريدني أن أكون زوجة له منذ أول يوم رآني فيه، وقد أغناني عن أهلي وصديقاتي، وعن كل شيء، وعندما رآني قريبي الملتزم كم أنا بعيدة عن الله؛ خطب وتزوج، وفجأة شعرت بالندم الشديد عليه، آلام وحسرة لم أشعر بها من قبل ولم أتخيلها، فكيف أنني كنت لا أهتم به، وأحب شخصا آخر، ثم فجأة أحزن عليه كل هذا.

ندمت على ما أنا فيه، من بعدي عن الله، وقررت أن أقترب من الله بكل شيء، واعترفت للشاب الذي أعرفه بكل هذا؛ فتمسك بي أكثر، وقال لن أتركك أبداً، وقال يجب علينا أن نرضي الله، وفعلا بدأ التقرب إلى الله بشكل كبير، واتفقنا أن نبتعد عن بعض؛ لنرضي الله، ويرضى علينا، ثم يتقدم لأهلي (بالرغم من صعوبة موافقة أهلي به؛ لأنه من غير قبيلتنا، فهناك عصبية في القبائل)، ولكن اقتناعي أنا وهو بأن الله على كل شيء قدير، واجتهادنا بالدعاء بيقين أن الله سيجيب لنا، ونحن نرضيه.

ولكن الآن أشعر بالحيرة الشديدة في كل شيء، فهل أكمل معه (مع أننا بعيدون عن بعض لإرضاء الله)؟ هل أرفض كل من يتقدم لي وأنتظر بدعائي ودعائه لله أن نكون لبعض، لمعرفتي أني لم أجد أحدا يحبني ويتفهمني مثله، أم أدعو الله أن يرزقني بزوج آخر، وأبحث عنه في من يتقدمون لي؟

ومع كل هذا؛ لا زلت عندما أتذكر قريبي أندم كثيرا، وأقول ماذا فعلت بنفسي، ولو لم أعصِ الله لكنت معه، ولا أشعر بكل هذا الندم والألم.

عندما أكون وحدي أتخيل أحداثا لم تحدث، وأحزن عليها، أو أضحك في عالم من الخيال، أو أتذكر كل ما حدث معي، وأقول: لو كنت فعلت كذا وكذا، وخجلي وبعد الناس عني؛ هل كل هذا مرض نفسي؟ مع العلم أني لا أستطيع الذهاب للطبيب النفسي.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ bellah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: مشكلتك الأساسية هي حالة التناقض النفسي والقيمي والوجداني الذي عشته، فالأسرة –جزاها الله خيرًا– كانت تدفعك نحو طريق الالتزام، وأنت كذلك تحبين ذلك، لكن بعد أن وجدت نفسك في محيط مختلف حدث نوع من الانسياق لما هو عكس المنظومة القيمية التي نشأتك عليها أسرتك، وهذا التناقض ليس بالسهل، خاصة في مثل من هم في عمرك، خصيبي الوجدان والعاطفة والتكوين النفسي المعرفي.

فحدث لك نوع من التصادم الوجداني الداخلي، وهذا جعلك في حيرة من أمرك، وهذا قطعًا يؤدي إلى شيء من عسر المزاج وتقلُّبه، وشيء من عدم الاستقرار، لكن الحمد لله تعالى الأمور أصبحت تسير نحو النضوج ونحو التحسُّن، وأعتقد أنك الآن أصبحت أكثر استبصارًا، وهذا هو التطور الطبيعي.

الخبرات السابقة هي خبرات ومهارات يكتسبها الإنسان سلبية أو إيجابية، المهم يجب أن يُستفاد منها، وألا يتحسَّر الإنسان على الماضي أبدًا، ولا يخاف من المستقبل –هذا هو الذي أنصحك به– لا حسرة على الماضي، لا خوف من المستقبل، لكن يجب أن تعيشي الحياة بقوة، قوة شديدة.

احرصي على أمور دينك، وهذا يجب أن يكون على رأس الأمر، اجتهدي في دراستك للحصول على التخصص المتميز، كوني بارَّة بوالديك، ونشطة في شؤون أسرتك، وهذه الثلاثة عظيمة جدًّا، تعطيك -إن شاء الله تعالى- أريحية واستعدادا داخليا قويا جدًّا لمواجهة كل العواصف الوجدانية التي قد تواجه الإنسان.

بالنسبة للزواج: كما ذكرت لك لا أسف ولا حسرة على ما مضى، المهم هو الحاضر، شروط الزوج الصالح معروفة أيتها الفاضلة الكريمة، قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله} وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، اجعلي هذا هو شعارك، وابحثي عن الشاب الملتزم الجيد، صاحب العلم، صاحب الذوق، الذي تعرفين أنه سيُحسن إليك ويحترمك ويُقدِّرك، الذي يكون شريكًا لا متسلطًا، والمرأة الصالحة تسعى دائمًا في اختيار الصالح، فالطَّيْبَاتُ للطَّيْبِينَ والطَّيْبُونَ للطَّيْبات، وأنت أحسبك كذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: عليك بالاستخارة، الاستخارة مهمة جدًّا وعظيمة جدًّا، لكن أرجو ألا تلجئي للاستخارة من مفهوم خاطئ، كثير من الفتيات تقول لك (إنني استخرتُ حول ذاك الشاب لكني لم أحِسّ بالارتياح، أتتني كتمة في صدري وشيء من هذا القبيل) هذا الكلام ليس صحيحًا أبدًا، الاستخارة مفهومها هي أن تطلب وتسأل من بيده الخير –وهو الله تعالى– أن يختار لك، فإذا تمَّ الأمر فهو الخير لك، وإذا لم يتم فهو شرٌّ لك، وقد صرفه الله عنك وسيُبدلك ما هو أفضل منه، مصداقًا لقوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

يجب أن يكون هذا هو منهجك، وأنا متأكد أنك على بصيرة تامة -إن شاء الله تعالى-.

أيتها الفاضلة الكريمة: حتى نكمل هذه الإرشادات وتكون أكثر رصانة وإفادة لك، أعقد أنك لو تناولت شيئًا بسيطا من الأدوية مزيلاً للقلق ومثبتًا للمزاج سوف يفيدك كثيرًا؛ فعقار مثل (فافرين) بقوة خمسين مليجرامًا -يسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)– سيكون جيدًا بالنسبة لك، تناوليه بجرعة خمسين مليجرامًا لمدة شهرين، ثم اجعليها مائة مليجراما ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعليها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، فهو دواء بسيط ورائع، وسوف يساعدك كثيرًا، ولا يُسبب الإدمان، وليس له تأثيرات سلبية على الهرمونات النسائية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ 1667 الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا 1233 الأحد 09-08-2020 02:09 صـ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2326 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1649 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3525 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ