جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي | على نعم ما تنقضي وعطاء |
اقام الليالي عن بقايا فريستي | وَلَمْ يَبقَ مِنها اليَوْمَ غَيرُ ذَماءِ |
وأدْنَى أقاصِي جَاهِهِ لوَسَائِلي | وشد اواخي جوده برجائي |
وعلمني كيف الطلوع الى العلى | وَكَيفَ نَعيمُ المَرْءِ بَعدَ شَقاءِ |
وكيف ارد الدهر عن حدثانه | وألقى صُدُورَ الخَيلِ أيَّ لِقَاءِ |
فَما ليَ أُغْضِي عَنْ مَطالِبَ جمّة | واعلم اني عرضة لفناء |
وَأترُكُ سُمرَ الخَطّ ظَمأى خَلِيّة ً | وشرُّ قناً ما كُنّ غَيرَ رِوَاءِ |
إذا ما جَرَرْتُ الرّمحَ لم يُثنِني أبٌ | يليح ولا ام تصيح ورائي |
وشيعني قلب اذا ما امرته | أطَاعَ بعَزْمٍ لا يَرُوغُ وَرَائي |
ارى الناس يهوون الخلاص من الردى | وتكملة المخلوق طول عناء |
ويستقبحون القتل والقتل راحة | وأتعَبُ مَيتٍ مَنْ يَمُوتُ بداءِ |
فلست ابن ام الخيل ان لم اعد بها | عوابس تأبى الضيم مثل ابائي |
وارجعها مفجوعة بحجولها | إذا انتَعَلَتْ من مأزِقٍ بدِمَاءِ |
إلى حَيّ مَنْ كَانَ الإمَامُ عَدَّوهُ | وصبحة من امره بقضاء |
هو الليث لا مستنهض عن فريسة | ولا راجع عن فرصة لحياء |
ولا عزمه في فعله بمذلل | وَلا مَشيُهُ في فَتكِهِ بِضَرَاءِ |
هُوَ النّابِهُ النّيرانِ في كلّ ظُلمَة ٍ | ومُجري دِماءِ الكُومِ كلَّ مَساءِ |
ومُعلي حَنينِ القَوْسِ في كلّ غارَة ٍ | بسَهمِ نِضَالٍ أوْ بِسَهْمِ غَلاءِ |
فخارٌ لو ان النجم اعطي مثله | ترفع ان يأوى اديم سماء |
وَوَجهٌ لَوَ أنّ البَدرَ يَحمِلُ شبهَهُ | أضَاءَ اللّيالي مِنْ سَنًى وَسَنَاء |
مَغارِسُ طالَتْ في رُبَى المجدِ والتقتْ | على انبياء الله والخلفاء |
وكم صارخ ناداك لما تلببت | بهِ السُّمْرُ في يَوْمٍ بغَيرِ ذُكَاءِ |
رَددتَ عليه النفسَ والشمسَ فانثنى | بأنعمِ رُوحٍ في أعمّ ضِيَاءِ |
وكم صدر موتور تطلع غيظه | وَقَلّبَ قَوْلاً عَنْ لِسَانِ مِراءِ |
يغطي على اضغانه بنفاقه | كذي العَقْرِ غطّى ظهرَهُ بكفاءِ |
كررت عليه الحلم حتى قتلته | بغير طعان في الوغى ورماء |
اذا حمل الناس اللواء علامة | كَفاكَ مثارُ النّقعِ كلَّ لِواءِ |
وجيش مضر بالفلاة كانه | رِقَابُ سُيُولٍ أوْ مُتُونَ نِهَاءِ |
كان الربى زرَّت عليه جيوبها | وَرَدّتْهُ مِنْ بَوْغائِها برِداءِ |
وَخَيل تغالى في السرُوجِ كَأنّها | صدور عوال أو قداح سراء |
لها السبقُ في الضّمّاتِ وَالسبقُ وَخدُها | إذا غُطّيَتْ مِنْ نَقعِها بغِطاءِ |
وَليسَ فتًى من يدّعي البأسَ وَحدَه | اذا لم يعوذ بأسه بسخاء |
وما انت بالمنجوس حظاً من العلى | وَلا قانِعاً مِنْ عَيشِهِ بكِفَاءِ |
نصيبك من ذا العيد مثلك وافر | وسعدك فيه مؤذن ببقاء |
ولو كان كل آخذا قدر نفسه | لكانَتْ لَكَ الدّنيَا بغَيرِ مِرَاءِ |
وما هذه الاعياد الا كواكب | تغور وتولينا قليل ثواء |
فخذ من سرور ما استطعت وفز به | فللنّاسِ قِسما شدّة ٍ ورَخَاءِ |
وبادِرْ إلى اللّذّاتِ، فالدهرُ مولَعٌ | بتنغيص عيش واصطلام علاء |
أبُثُّكَ مِنْ وُدّي بغَيرِ تَكَلّفٍ | وأُرْضِيكَ مِنْ نُصْحي بغيرِ رِياءِ |
واذكر ما اوليتني من صنيعة | فاصفيك رهني طاعة ووفاء |
أعِنّي على دَهْرٍ رَماني بصَرْفِهِ | وَرَدّ عِناني، وَهوَ في الغُلَواء |
وَحَلأّني عَمّنْ أعُدّ بعادَهُ | سقامي ومن قربي اليه شفائي |
فقدت وفي فقد الاحبة غربة | وهجران من احببت اعظم داء |
فَلا تَطمَعَنْ، يا دَهرُ، فيّ، فإنّهُ | ملاذي مما راعني ووقائي |
أرُدّ بهِ أيْدي الأعادي، وَأتّقي | نَوافِذَ شَتّى مِنْ أذًى وَبَلاءِ |
ألَذُّ بقَلبي مِنْ مُنايَ تَقَنُّعي | وَأحسنُ عندي من غنايَ غَنَائي |
وَمَنْ كانَ ذا نَفسٍ تُطيعُ قَنوعة ً | رَضِي بِقَليلٍ مِنْ كَثيرِ ثَرَاءِ |
حدوا بالمطايا يوم جالت غروضها | ويوم اتقت ركبانها برغاء |
تَؤمّك لا تَلوِي عَلى كلّ رَوْضَة ٍ | يَصيحُ بهَا حَوْذانُها، وأضَاءِ |
ولا تشرب الامواه الا تعلة | إذا عَثَرَتْ أخفافُهُنّ بِمَاءِ |
لهَا سائِقٌ يَطغَى عَلَيها بسَوْطِهِ | وَيَشْدُوا عَلى آثَارِهَا بحداءِ |
غلام كاشلاء اللجام تجيزه | صدور القنا والبيض كل فضاء |
إذا بَلَغَتْ ناديكَ نَالَ رِفَاقُها | عَريضَ عَطاءٍ مِنْ طَوِيلِ ثَنَاءِ |
وَمِثلُكَ مَنْ يُعشى إلى ضَوْءِ نارِه | ويلفى قراه عند كل خباء |
وَما كلُّ فُعّالِ النّدَى بشبائِهِ | ولا كل طلاب العلى بسواء |