أمبلغي ما أطلب الغزل
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أمبلغي ما أطلب الغزل | أم لا فتنجدني القنا الذبل |
وَالسّيْفُ أوْلى أنْ أعُوذَ بِهِ | مِمّا تَجُرّ الأعْيُنُ النُّجُلُ |
وَأنَا الذي نَفَرَ الزّمَانُ بِهِ | واستأنست بركابه السبل |
أسرِي عَلى غَرَرٍ، وَتَصْحَبُني | دون الرجال الأينق الذلل |
لا المال يجذبني إليه ولا | يعتاقها الحوذان والنفل |
عَجِلٌ بي الشد الحثيث إلى | ـغايَاتِ خَرّاجٌ بيَ المَهَلُ |
في غلمة تركوا قعودهم | نزعوا وراء الليل وانحفلوا |
وإذا المزاد حمى صلاصله | قنعوا بما تقضي لنا المقل |
ومقوم الأذنين تحسبه | طوداً أناف بصدره جبل |
متطاول يوفي مغردة | عنقا تضاءَل خلفها الكفل |
أجهدته والكر يعصره | والماء من عطيفه ينهمل |
ونجيبة نهض الزمان بها | مِنْ بَعْدِ مَا قَعَدَتْ بهَا العُقُلُ |
صدعت عرانين الربى ونجت | هَوَجاً، وَيُنجِدُ وَخدَها الرّمَلُ |
طلبت أمير المؤمنين ولا | أيْنٌ أطَافَ بِهَا وَلا مَهَلُ |
حيث العلى لا يستراب بها | وَالجُودُ لا يَلوِي بِهِ البَخَلُ |
وَالطّائِعُ المَرْجُوُّ إنْ حُمِدَتْ | أيدي الرّجَالِ وَقَلّ مَن يَسَلُ |
مَلِكٌ إذا حُصِرَ السّمَاطُ بهِ | كَثُرَ العِثَارُ، وَطَبّقَ الزّلَلُ |
جَلَتِ الأئِمّة ُ عَنْ مَنَاقِبِهِ | وَاستَوْدَعَتْهُ نُورَها الرُّسُلُ |
وَإذا العُيُوبُ مَشَتْ إلَيْهِ بَدَا | وَجْهٌ تَخاوَصُ دُونَهُ المُقَلُ |
فاللحظ محتبس ومنطلق | والقول منقطع ومتصل |
طَرِبٌ إلى النَّعْمَاءِ عَاهَدَهَا | أن لا يمر بسمعه عذل |
يَلقَى الخُطُوبَ، وَوَجْهُهُ طَلِقٌ | ويخوضهن وقلبه جذل |
تخفى بشاشته حميته | كَالسّمّ مَوّهَ طَعمَهُ العَسَلُ |
مِنْ مَعشَرٍ كَانَتْ سُيُوفُهُمُ | حَلْياً لمَنْ ضرَبوا، وَمَن عَطِلُوا |
بالفخر يكسون الذي سلبوا | والذكر يحييون الذي قتلوا |
أنْتَ الجَوَادُ، إذا غَلا أمَلٌ | والمستجار إذا طغى وجل |
وَمُطاعِنٍ بَعَثَتْ يَداكَ لَهُ | طَعْناً يَذُلّ لوَقْعِهِ البَطَلُ |
وعلمت أن السيل يدفعه | لما أطل العارض الهطل |
لله رمحك يوم تورده | والماء لا صرد ولا علل |
خطل المناكب لا يميل به | عوج ومن نعت القنا الخطل |
وَمُطاعِنَينِ، إذا هُمَا اعتَرَضَا | يتطاعنان وللقنا زجل |
نزل الهصور على فريسته | وَمَضَى يُدَحرِجُ نَجوَهُ الجُعَلُ |
شيخان هذا فارس بطل | أبداً وهذا عاجز مذل |
فإذا الزمان أراد قودهما | حزن الجواد وأصحب الوعل |
أمرِيدَ زَائِدَة ِ الأنَامِ أقِمْ | هَيهَاتَ مِنكَ الشّدُّ وَالعَجَلُ |
أتُرِيدُ غَايَاتِ الفَخَارِ، وَمَا | لكَ نَاقَة ٌ فِيهِ، وَلا جَمَلُ؟ |
فانعق بضأنك عن أناطحه | ودع الغمير تلسه الأبل |
يا قابض الأيام عن وجل | بيَمينِهِ عَنْ مَسّهَا شَلَلُ |
يئل الذي أمنت روعته | والعصم في الأطواد لا يئل |
لِوَلِيّكَ الدّنْيَا مُزَخْرَفَة ٌ | ولأم من عاديته الهبل |
أن قال فيك عداك منقصة | قَالُوا: السّمَاءُ أدِيمُهَا نَغِلُ |
احْذَرْ عَدُوّكَ أنْ تُقَرّبَهُ | مِنْ قَلبِكَ الخَدَعَاتُ وَالحِيَلُ |
لا تُخْدَعَنّ عَلى رُقَاهُ، وَلَوْ | أرْضَاكَ مِنْهُ القَوْلُ وَالعَمَلُ |
فَفُؤادُهُ حَنِقٌ عَلَيكَ، وَإنْ | طَاطَا، وَذَلَلَهُ لكَ الوَجَلُ |
إنّ المُجَرَّدَ في هَوَاكَ فَتًى | لا اللوام يردعه ولا العذل |
مثل الحسينم فبين أضلعه | قلب بغيرك ما له شغل |
ذاكَ الحُسَامُ أطَلْتَ جَفوَتَهُ | وَلَقَلّ مَا ظَفِرَتْ بهِ الخِلَلُ |
وَوَعَدْتَهُ وَعْداً تَعَلّقَهُ | والوعد ملوي به الأمل |
فانهض به في النائبات تجد | عَضْباً تَسَاقَطُ دُونَهُ القُلَلُ |
وأسلم أمير المؤمنين إذا | شَرَعَ الحِمَامُ وَصَمّمَ الأجَلُ |
متقلداً بنجاد مملكة | في غمدها الأقدار والدول |
وأنعم بيوم المهرجان ولا | نَعِمَ العُداة ُ بِهِ، وَلا عَقَلُوا |
فلأنت نهاض إذا قعدوا | أبداً وصعّاد إذا نزلوا |
يَوْمٌ تُجَدّدُهُ السّنُونَ، وَقَدْ | دَرَجَتْ عَلَيهِ الأعصُرُ الأُوَلُ |
فالنّاسُ فيهِ مُعَلَّلٌ طَرِبٌ | يرجو الأوار وشارب ثمل |
ما استجمعت فرق الهموم به | إلا وبدد جمعها الجذل |
هُوَ خِطّة ٌ نَزَلَ الشّتَاءُ بِهَا | والصيف منطلق ومرحتل |
وَأنَا الذي أهْوَى هَوَاكَ، وَلَوْ | ضربت عليَّ البيض والأسل |
وَطِئتْ قَبَائِلُ غَالِبٍ عَقِبي | وتشرفت بمقامي الحلل |
ومراغم يغدو على قنصي | فيحوزه ويداي محتبل |
خضت الغمار فجاز جمتها | دوني وطبق ثوبي البلل |
وَمُذَكّرِي رَحِماً مُعَنَّسَة ً | كالشمس أخلق ضؤها الطفل |
رحم تعلق بالعبيد كما | عَلِقَ الحِبَاءَ النّازِحُ الطُّوَلُ |
إثنان يقتطعان من فرصي | وأنا الذي أرخى واهتبل |
غَرَضِي بِمَدْحكَ أنْ يُطَاوِعني | عوج بأيامي ويعتدل |
وأقوم بين يديك مرتجلاً | لا ألعي يقطعني ولا الخطل |
ولئن نما كل المديح إلى | فلتات قولي وانتمى الغزل |
فالأرْضُ أُمُّ التُّرْبِ أجمَعِهِ | وَأبُو البَرِيّة ِ كُلِّهَا رَجُلُ |