نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ | كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ |
فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس | وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس |
قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال | رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال! |
فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل | ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل |
وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام | فأرى العجلَ فأهداهُ السلام |
قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ | أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير |
حملَ الذئبَ على قتلي الحسد | فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد |
فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع | وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع! |
فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث | ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث |
قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات | أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟ |
فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير | ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر |
ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود | مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود |
فأَقاموا لمعاليكم سرِير | عن يمين الملكِ السامي الخطير |
واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك | في انتظار السيدِ العالي هناك |
فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ | وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ |
برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان | واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان |
وكفاكم أنني العبدُ المطيع | أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع |
فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال: | أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال! |
فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق | أنا لا يشقى لديه بي رفيق |
فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه | ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه |
وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير | وحبا الثعلبَ منه باليسير |
فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ | وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ: |
سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير | فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير! |