قام من علته الشاكي الوصبْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قام من علته الشاكي الوصبْ | وتلقى راحة َ الدهرِ التعبْ |
أيها النفسُ، اصبري واسترجعي | هتفَ الناعي بعبد المُطَّلِب |
نزل التربَ على من قبله | كلُّ حيٍّ منتهاه في الترب |
ذهب اللينُ في إرشادهِ | كالأبِ المشفقِ والحدِّ الحدب |
القريبُ العَتْبِ مِنْ مَعْنَى الرِّضا | والقريبُ الجِدِّ من معنى اللَّعِب |
والأخُ الصادقُ في الودّ إذا | ظَهَرَ الإخوانُ بالوُدّ الكَذِب |
خاشعٌ في درسه، محتشمٌ | فكهُ في مجلس الصفوِ طرب |
قلَّد الأوطانَ نشأً صالحاً | وشباباً أهلَ دين وحسب |
ربّما صالتْ بهم في غدِها | صولة َ الدولة ِ بالجيش الَّلجبِ |
جعلوا الأَقلامَ أَرماحَهُمُ | وأَقاموها مقاماتِ القُضُب |
لا يميلون إلى البَغْيِ بها | كيف يَبغِي مَن إلى العلم انتسب؟ |
شاعِرَ البَدْوِ، ومنهم جاءَنا | كلُّ معنى ً رقَّ، أو لفظٍ عذب |
قد جرت أَلسُنُهُم صافية ً | جريَانَ الماءِ في أَصل العُشُب |
سلمتْ من عنتِ الطبع، ومن | كُلْفَة ِ الأقلام، أَو حَشْوِ الكُتُب |
قد نزلْتَ اليومَ في بادية ٍ | عمرت فيها امرأ القيس الحقب |
ومشى المجنونُ فيها سالياً | نَفَضَ اللَّوْعة َ عنه والوَصَب |
أَعِر النَّاسَ لساناً ينظموا | لك فيه الشعرَ أَو يُنْشُوا الخُطَب |
قمْ صف الخلدَ لنا في ملكهِ | من جلال الخُلْقِ، والصُّنْعِ العَجَب |
وثمارٍ في يواقيتِ الربى | وسلافٍ في أباريق الذهب |
وانثر الشعرَ على الأَبرار في | قُدُس الساحِ وعُلوِيِّ الرحب |
واستعِر رضوانَ عُودَيْ قَصَبٍ | وتَرنَّمْ بالقوافي في القَصَب |
واسقِ بالمعنى إلهيَّا، كما | تتساقون الرحيق المنسكب |
كُلّما سبَّحْتَ للعرشِ به | رفعَ الرحمنُ والرسلُ الحجب |
قمْ تأملْ، هذه الدارُ وفى | لكَ من طُلاَّبها الجمعُ الأَرِب |
وفتِ الدارُ لباني ركنها | وقضى الحقَّ بنو الدارِ النجب |
طلبوا العلمَ على شَيخِهُمُ | زمناً، ثم إذا الشيخُ طلب |
غابَ عن أَعينهم، لكنّه | ماثلٌ في كُلِّ قلبٍ، لم يَغِب |
صورة ٌ محسنة ٌ ما تختفي | ومثالٌ طيبٌ ما يحتجب |
رجلُ الواجبِ في الدنيا مضى | ينصفُ الأخرى ويقضي ما وجب |
عاش عَيْشَ الناسِ في دنياهُمُ | وكما قد ذهب الناسُ ذهب |
أَخذ الدرسَ الذي لُقِّنهُ | عجمُ الناسِ قديماً والعرب |