اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا | وأَوَيْتِ الكواكب الزُّهْرَ سَكْنا |
وجمعتِ السعادتين، فباتت | فيك دُنيا الصلاحِ للدين خِدنا |
نادَمَا الدهر في ذراكِ وفَضَّا | من سُلاف الودادِ دَنّاً فدَنّا |
وإذا الخلقُ كان عقدَ ودادٍ | لم ينل منه منْ وشى وتجنَّى |
وارى العلمَ كالعبادة في أبـ | ـعدِ غاياته: إلى الله أدنى |
واسعَ الساحِ، يرسل الفكرَ فيها | كلُّ مَن شكَّ ساعة ً أَو تَظنَّى |
هل سألنا أبا العلاءِ وإن قلَّـ | ـب عيناً في عالم الكونِ وَسْنَى |
كيف يهزا بخالق الطيرِ منْ لم | يعلم الطيرَ، هل بكى أو تغنَّى ؟ |
أَنتِ كالشمس رفرفاً، والسماكيْـ | ـنِ روافاً، وكالمجرَّة صحنا |
لو تَستَّرْتِ كنتِ كالكعبة الغرّ | اءِ ذيلاً من الجلال وردنا |
إن تكن للثواب والبِرِّ داراً | أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى |
قد بلغتِ الكمال في نصف قرنٍ | كيف إن تمت الملاوة قرنا؟! |
وهْوَ باقٍ على المدى ليس يفنى | |
يا عكاظاً حوى الشبابَ فصاحاً | قرشيينَ في المجامع، لسنا |
بَثَّهُمْ في كنانة الله نوراً | مِن ظلام على البصائر أَخْنَى |
علموا بالبيانِ، لا غرباءَ | فيه يوماً، ولا أعاجمَ لكنا |
فتية ٌ محسنون، لم يُخْلِفوا | ـلمَ رجاءً، ولا المعلِّمَ ظنّا |
صدعوا ظلمة ً على الريف حلتْ | وأَضاءوا الصعيدَ سهلاً، وحَزْنا |
منْ قضى منهمُ تفرَّق فكراً | في نُهَى النَّشْءِ، أَو تَقَسَّم ذِهنا |
نادِ دارَ العلوم ان شئتَ: يا عا | ئش، أو شئتَ نادها: يا سكينا |
قل لها: يا ابنة المبارك إيهٍ | قد جَرَتْ كاسمه أُمورُكِ يُمْنا |
هو في المهرجان حَيٌّ شهيدٌ | يجتلي غرسَ فضله كيف أجنى |
وهو في العرسٍ - إن تحجَّبَ، أو لم | يَحْتَجِب ـ والدُ العروسِ المُهنّا |
ما جرى ذكرهُ بناديكِ حتى | وقف الدمعُ في الشؤونِ فأَثنى |
ربَّ خيرٍ ملئتَ منه سروراً | ذكر الخيرين فاهتجتَ حزنا |
أَدَرَى إذا بناك أَنْ كان يبني | فوق أنف العدو للضاد حصنا؟ |
حائطُ الملكِ بالمدارس إن شِئْـ | ـتَ، وإن شِئْت بالمعاقل يُبنى |
انظر الناس، هل ترى لحياة ٍ | عطّلتْ من نباهة ِ الذكرِ معنى ؟ |
لا الغنى في الرجال ناب عن الفضـ | ـلِ وسلطانهِ، ولا الجاهُ أغنى |
رُبَّ عاثٍ في الأَرض لم تجعل الأَر | ضُ له إن أَقام أَو سار وَزنا |
عاش لم ترْمِهِ بعينٍ، وأَودى | هملاً لم تهب لناعيه أذنا |
نظمَ الله مُلكَه بعبادٍ | عبقريين أورثوا الملكَ حسنا |
شغلتهم عن الحسود المعالي | إنما يحسدُ العظيمُ ويشنا |
من ذكيِّ الفؤادِ يورثُ علماً | أو بديعِ الخيالِ يخلقُ فنَّا |
كم قديمٍ كرقعة ِ الفنِّ حرٍّ | لم يقلل له الجديدان شأنا |
وجديدٍ عليه يختلف الدهـ | ـرُ، ويفنى الزمانُ قرناً فقرنا |
فاحتفظ بالذخيرتين جميعاً | عادة ُ الفطنِ بالذخائر يعنى |
يا شباباً سقوني الودَّ محضاً | وسقوا شانئي على الغلّ أجنا |
كلما صار للكهولة شعري | أنشدوه، فعاد أمردَ لدنا |
أُسرة ُ الشاعرِ الرُّواة ُ، وما عَنَّـ | ـوهُ، والمرءُ بالقريب معنى |
هم يضنُّون في الحياة بما قا | ل، ويلفونَ في الممات أضنَّا |
وإذا ما انقضى وأَهْلُوهُ لم يَعـ | ـدَم شقيقاً من الرُّواة أَو کبْنا |
النبوغَ النبوغَ حتى تنصُّوا | راية َ العلم كالهلال وأَسنَى |
نحن في صورة الممالكِ ما لم | يُصْبِحِ العلمُ والمعلِّمُ مِنّا |
لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ | ـلم يُنشىء ْ لكم حصوناً وسُفْنا |
إنْ ركبَ الحضارة ِ اخترق الأرْ | ضَ، وشقّ السماءَ ريحاً ومُزْنا |
وصَحِبْناه كالغبارِ، فلا رجْـ | ـلاً شدَدْنا، ولا رِكاباً زَمَمْنا |
دان آباؤنا الزمانَ مَلِيّاً | ومليَّاً لحادثِ الدهر دنَّا! |
كم نُباهِي بلحْدِ مَيْتٍ؟ وكم نحـ | ـملُ من هادمٍ ولم يبنِ منّا؟! |
قد أتى أن نقول: نحن، ولا نسـ | ـمع أبناءنا يقولون: كنَّا! |