قصة الكترون عابدٍ لله تعالى! - أحمد كمال قاسم
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
إنني إلكترون اخترت أن أكون مجبراً على عبادة الله الحق لأنني أشفقت من حمل الأمانة -حرية الاختيار-، وقد شرفني الله تعالي بذكري وذكر من هم على شاكلتي ممن ليس لهم روح مُختارة في كتاب الإسلام القرآن الكريم بالمدح المقابل لذم الإنسان لأنه تجرأ على حمل الأمانة حيث قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72].بدأ موقفي الحرج عندما أراد أحد بني آدم بأن يعرف طريقة عملي من خلال تجربة تسمى "تجربة الحاجز ذي الشقين" أو "Double Slit Experiment"، وأترككم مع هذا الفيديو لشخصية كرتونية تُسمى د.
(كوانتم) ثم أكمل المقال: https://www.youtube....h?v=fwXQjRBLwsQ
وكما هو مبين في الفيديو فإنني اعتدت أن أمر من الشقين معاً في التجربة مع حفاظي على كوني إلكترون واحد غير منقسم كما في الفيديو أعلاه، ولكي يريح الإنسان باله تخيل أن لي موجة احتمالية تمر من الشقين معاً وتتداخل تداخلات هدامة وبناءة، حتى تكون أهداباً مضيئة وأخرى مظلمة على الشاشة الحساسة للإلكترونات، وذلك في حال مرور إخوة لي من الإلكترونات خلفي واحداً تلو الآخر بحيث لا يمر إلكترونان سوياً..
بمعنى آخر افترض الإنسان أنني أكون موجتين احتماليتين أثناء عبوري للشقين ثم أعود أدراجي لطبيعتي الجسيمة مرة أخرى عند اصطدامي بالشاشة، ويتحدد الأماكن المحتملة لسقوطي على الشاشة من التداخل البناء لموجتي احتمال وجودي الصادرتين من الشقين! بالطبع كل هذا نموذج رياضي ولكن ليس للإنسان قدرة على تخيل ما يحدث فعلاً لأنه لا يوجد معنىً فيزيائياً لموجة الاحتمال وانما لها معنىً رياضياً فقط، والإنسان يقصر تخيله على ما له معنىً فيزيائي فقط.
وكما رأينا في الفيديو فإن الإنسان تمرد، وهذا التمرد ليس عيبا فقد قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت من الآية:20]، على هذا الوضع ولم يرضَ بهذا النموذج رضاءً تاماً بدون تخيل ما الذي يحدث فعلاً، كيف أعبر من الشقين في الوقت ذاته؟ وذلك لأن عبور موجة الاحتمال المصاحبة لي من الشقين ليس معناه أني أنقسم إلى شطرين وإنما معناه أنني أعبر من الشقين في الآن ذاته! ولكن باحتمالية حدوث معينة! إنه كلام لا يتخيله عقل ولكنها التجارب وعلى الإنسان أن يصدق ما يحدث في المعمل.
وتخيل الإنسان أنه إذا راقب عملية العبور عن كثب فإنه يقيناً سيعرف ماذا يحدث بالضبط حيث أنه شغوف بالعلم وهذا حسن، ولكنه ﻻ يعرف حدود العلم ، ﻻ يعرف أن له حصة معينة من العلم آتاه الله إياها بحيث لا يمكن أن يخرج عنها، ولذلك فهو مُقدم فيه، وهذا اﻹقدام مطلوب منه شرعا، ولكن بعض العلماء توهموا أنهم يمكنهم علم كل شيء عن طريق المراقبة والقياس حتى قال (ستيفن هاوكنج): "أنا بصدد أن أعرف كيف يفكر الله!"، ولكن هيهات، فقد قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85]، واﻵية ﻻ تصد عن التعلم أبداً ولكنها تقر حقيقة وجود ما أسميه بــ"العلم المُتاح" فلا يمكن للإنسان أن يعرف أكثر منه، ولكن رحمة من ربه به فإنه لم يُعلمه بحدود العلم حتى يستمر في عمارة اﻷرض بل قرر أن الذين يخشون ربهم بأنهم هم من العلماء، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر من الآية:28].
ومعنى اﻵية يتنافى مع غطرسة (ستيفن هاوكنج) وأمثاله..
وقد حاول اﻹنسان معرفة كيفية عملي بشتى الوسائل كما هو مُبين بشكل فكاهي في الفيديو، وكانت النتيجة عجيبة جداً، أنني لم أطاوع الإنسان في تعريفه كيف أعبر الشقين في الوقت ذاته، لم أطاوعه لأنني لو فعلت ذلك لعلم أكثر من الحصة العلمية المقدر له سلفاً أن يعلمها، وذلك ﻷن تجربة ذات الشقين تقع على حافة حدود علمه من إحدى جهاتها، وبالتالي فطاعةً لربي يجب أن أخدع الإنسان الذي يحاول أن يعلم أكثر مما ينبغي له، من غير أن يقصد، ويتعدى الخط الأحمر للمعرفة -والذي ﻻ يعرف مكانه بالطبع ولذلك هو مستمر في تعلمه إلى يوم القيامة وهذا محمود شرعًا- عبرت من شق واحد فقط بدلاً من الشقين معاً! وسقطت على الشاشة باحتمال أقصاه في المنتصف أمام كل من الشقين ويقل الاحتمال كلما ابتعدت عن المكان المقابل للشقين في الحاجز بشكل تدريجي، بحيث لو تتابع إخواني من الإلكترونات واحداً تلو الآخر خلفي لكانت كثافة الإضاءة على الشاشة لها حد أقصى أمام الشقين وتضعف تدريجياً كلما ابتعد القياس عن المركزين ذوي الإضاءة القصوى، بحيث تختفي تماماً الأهداب المظلمة التي كانت تحدث بدون مراقبتي أنا وإخواني في الطابور خلفي!
وبالتالي فإن طريقتي التي هداني إياها ربي في العبور خفيةً من الشقين معاً لا يمكن أن يعرفها الإنسان إذا أراد أن يهتك سِتر عملي في الخفاء، وقد قال تعالى في شأن هدايتي لهذه الطريقة الغريبة التي يستحيل على الإنسان معرفتها أو تخيلها: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50].
الحمد لله الذي سترني في طريقة عملي وتفاعلي مع الكون من حولي، فجعلها تقع خارج حافة العلم المُتاح، بحيث لا يعلمها اﻹنسان، مهما ظن أنه يمكنه علم كل شيء، مثل بعض من يدعون العلم، حتى أنه لو أصر على هتك هذا الستر، ومن حقه هذا ﻷنه لا يعلم حدود العلم كما أسلفت، كانت الضريبة أنني أغير من سلوكي حتى لا يكون قد هتك الستر حقيقةً ويظل على جهله بما يحدث فعلاً خلف ستر ربي سبحانه وتعالى، فالحمد لله رب العالمين الذي فضلني على كثير من عباده تفضيلاً، فاﻹنسان عرف كيفية عمل أشياء كثيرة، إﻻ أنه على الدوم جاهل بعلة هذا العمل.
والله أعلم.