إعدام جماعي للمصلين ببعقوبة العراقية
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
جرائم استهداف المصلين المسالمين في العراق اليوم صارت واحدة من الجرائم المألوفة والمتكررة، على الرغم من الحمايات الوهمية التي تقوم بها أجهزة الأمن الحكومية، خلال إقامة شعائر صلاة الجمعة الموحدة في المحافظات الست الثائرة بغربي العراق وشماله.
بالأمس ارتكبت قوات سوات الإجرامية جريمة بشعة على أرض الحويجة الطاهرة، وراح ضحيتها أكثر من مائة معتصم بين شهيد وجريح، واليوم تتكرر ذات المأساة بمدينة بعقوبة مدينة البرتقال والشهداء، مركز محافظة ديالى، (45 كم شمال شرق بغداد).
الجريمة التي وقعت بعد صلاة يوم الجمعة، 17/5/2013، عند جامع سارية وسط مدينة بعقوبة، تضاربت الأنباء الواردة من المحافظة بخصوص الأسباب التي أدت إلى مقتل أكثر من (50) شخصاً، وجرح العشرات في أثناء خروجهم من الصلاة.
ففي الوقت الذي أكدت فيه بعض وسائل الإعلام أن عبوتين ناسفتين قد انفجرتا أثناء خروج المصلين على جسر المدينة، وهما من تسببا بهذا الحادث الجبان، فإن التحليل العلمي للصور الواردة من موقع الجريمة، تؤكد أن ما جرى هو عملية إعدام جماعية نفذتها قوات سوات الحكومية، وذلك للأدلة الآتية:
1- لا توجد آثار واضحة للانفجار على مسرح الجريمة، حيث إن مكان الحادث لم يتأثر بأي انفجار، وهذا يدلل على أنه لا توجد أية عبوات ناسفة في المكان.
2- صور الشهداء ، التي نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نلاحظ فيها أن أغلب الإصابات كانت في مناطق دقيقة من الجسم، ومنها الصدر والرأس، ولم نلاحظ أية آثار تؤكد أن القتل تم بعبوات ناسفة، أو انفجار آخر، حيث إن التجربة علمتنا أن التفجيرات تُقطع الجثث البشرية القريبة من مكان الحادث إلى أشلاء لا يمكن معها التعرف على شخصية القتلى، فيما كانت أجساد الشهداء اليوم سليمة إلا من إصابات محددة في مناطق حساسة من الجسم، والسنوات العشر المريرة الماضية علمتنا أيضاً أن الأشخاص البعيدين عن دائرة الانفجار الضيقة يصابون بجروح عميقة تؤدي إلى مقتلهم أحياناً، أو إعاقتهم، وهذا أيضاً لم يكن موجوداً في مسرح الجريمة ببعقوبة.
3- منع مدير صحة ديالى الدكتور علي التميمي إصدار أية شهادة وفاة فيها تفاصيل عن سبب الوفاة، حيث إنه أصدر أمراً إدارياً لدائرة الطب العدلي في مستشفى بعقوبة العام، يأمرهم فيه بعدم ذكر تفاصيل سبب الوفاة الموجود في شهادة الوفاة التي تصدرها دائرة الطب العدلي! والتميمي هو أحد أعضاء حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس حكومة المنطقة الخضراء نوري المالكي.
4- منع الأجهزة الأمنية المواطنين من الوصول لمستشفى بعقوبة العام للتبرع بالدم، على الرغم من النداءات العاجلة التي أطلقها الأطباء، التي تؤكد حاجة المستشفى الماسة للدم؛ وذلك بسبب أعداد الجرحى الكبيرة وإصاباتهم البليغة.
5- تأكيد شهود عيان خلال اتصالاتهم بأكثر من وسيلة إعلام مرئية ومسموعة، أنهم سمعوا صوت انفجارات وهمية، أو ما يطلق عليها عبوات صوتية، وبعد ذلك قامت قوات سوات الإجرامية بإطلاق النار بكثافة على جموع المصلين؛ مما أوقع خسائر فادحة بالأرواح دون تمييز بين صغير، أو كبير.
6- لم يصب في هذه الجريمة أي عنصر من القوات الأمنية؛ مما يؤكد أن غالبيتهم كانوا يعرفون مسبقاً بوجود تدابير لجريمة ما على الأرض.
ما جرى في بعقوبة هو جريمة إعدام جماعي تمت على يد قوات سوات الإجرامية التابعة لرئيس الحكومة نوري المالكي، وهذه الحقيقة أكدها العديد من الصحفيين خلال تغطيتهم للحادث الأثيم في المدينة المنكوبة، حيث أكدوا أن "الضحايا والبالغ عددهم أكثر من مائة تعرضوا للإعدام والإصابة بعد خروجهم من الصلاة الموحدة بينهم حوالي (49) شهيداً، حيث إن الإصابات تمت بالرصاص في الرأس والصدر بساحة الفلاحة، وقرب قوات سوات حيث لم تمزق ملابسهم، أو تقطع أطرافهم، أو إصابات في أقدامهم، أو وجود دمار في رصيف الشارع، أو حول الجثث".
هذه الجرائم لن تزيد العراقيين إلا ثباتاً وصموداً من أجل إنهاء الأوضاع المأساوية الشاذة المستمرة في البلاد، والمتمثلة بالإعدامات الرسمية الحكومية داخل وخارج المعتقلات، والاعتقالات الكيدية للرجال والنساء على حد سواء، واستمرار الاعتداء على الأعراض في داخل السجون وخارجها، وغيرها الكثير من صور التهميش والبطش والإذلال الحكومي لنصف الشعب العراقي!
أعتقد أن صبر العراقيين أوشك على النفاد؛ بسبب تصرفات الحكومة الطائفية، وأن بلاد الرافدين ستدخل في نفق مظلم لا يعرف نهايته إلا الله والراسخون في العلم ، وهذا ما يريده المالكي وأتباعه، فهم أدوات للخراب والشر، وليس لهم علاقة بالبناء والخير!
جاسم الشمري