شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ | ولممتُ من طرق الملاحِ شباكي |
ورجعتُ أَدراجَ الشباب ووِرْدَه | أَمشي مكانَهما على الأَشواك |
وبجانبي واهٍ ، كأن خفوقه | لما تلفتَ جهشة ُ المتباكي |
شاكي السلاحِ إذا خلا بضلوعه | فإذا أهيبَ به فليس بشاك |
قد راعه أني طويتُ حبائلي | من بعد طول تناولٍ وفكاك |
ويح ابن جنبي ؟ كلُّ غاية ِ لذة ٍ | بعد الشباب عزيزة الإدراك |
لم تبق منا - يا فؤادُ - بقية ٌ | لفتوة ٍ ، أو فضلة ٌ لعراك |
كنا إذا صففتَ نستبق الهوى | ونشدُّ شدَّ العصبة ِ الفتاك |
واليوم تبعث فيَّ حين تهزني | ما يبعث الناقوسُ في النساك |
يا جارة َ الوادي، طَرِبْتُ وعادني | ما يشبهُ الأَحلامَ من ذكراك |
مثلتُ في الذكرى هواكِ وفي الكرى | والذكرياتُ صدى السنين الحاكي |
ولقد مررتُ على الرياض برَبْوَة ٍ | غَّناءَ كنتُ حِيالها ألقاك |
ضحكتْ إليّ وجوهها وعيونها | ووجدْتُ في أَنفاسها ريّاك |
فذهبتُ في الأيام أذكر رفرفاً | بين الجداولِ والعيونِ حَواك |
أذكرتِ هرولة َ الصبابة ِ والهوى | لما خَطرتِ يُقبلان خُطاكِ؟ |
لم أَدر ما طِيبُ العِناقِ على الهوى | حتى ترفَّق ساعدي فطواك |
وتأوَّدت أعطاف بانِك في يدي | واحمرّ من خَفريهما خدّاك |
ودخلتُ في ليلين : فرعِك والدُّجى | ولثمتُ كالصّبح المنوِّرِ فاكِ |
ووجدْتُ في كُنْهِ الجوانحِ نَشْوَة ً | من طيب فيك، ومن سُلاف لَمَاك |
وتعطَّلَتْ لغة ُ الكلامِ وخاطبَتْ | عَيْنَيَّ في لغة الهوى عيناك |
ومَحوتُ كلَّ لُبانة ٍ من خاطري | ونسيتُ كلَّ تعاتُبٍ وتشاكي |
لا أمسِ من عمرِ الزمان ولاغدٌ | جُمِع الزمانُ فكان يومَ رِضاك |
لُبنانُ ، ردتني إليكَ من النوى | أقدارُ سيرٍ للحياة دَرَاك |
جمعتْ نزيلي ظهرِها من فُرقة ٍ | كُرَة ٌ وراءَ صَوالجِ الأَفلاك |
نمشي عليها فوقَ كلِّ فجاءة ٍ | كالطير فوقَ مَكامن الأشراك |
ولو أنّ الشوق المزارُ وجدتني | مُلقى الرحالِ على ثراك الذاكي |
بنت البقاع وأمَّ بردُوِنيِّها | طيبي كجلَّق ، واسكبي بَرداك |
ودِمَشْقُ جَنَّاتُ النعيم، وإنما | ألفيتُ سُدَّة َ عدنِهنَّ رُباك |
قسماً لو انتمت الجداولُ والرُّبا | لتهلَّل الفردوسُ، ثمَّ نَماك |
مَرْآكِ مَرْآه وَعَيْنُكِ عَيْنُه | لِمْ يا زُحَيلة ُ لا يكون أباكِ؟ |
تلك الكُروم بقية ٌ من بابلٍ | هَيْهَاتَ! نَسَّى البابليَّ جَناك |
تبدي كوشي الفُرس أفتّنَ صبغة ٍ | للناظـريـن إلـى أَلَـذِّ حِـيـاكِ |
خرزاتِ مِسكٍ أو عُقودَ الكهربا | أُودِعْنَ كافوراً من الأَسلاك |
فكَّرْتُ في لَبَنِ الجِنانِ وخمرِها | لمّا رأيتُ الماءَ مَسَّ طِلاك |
لم أنس من هبة ِ الزمانِ عشيَّة ً | سَلَفَتْ بظلِّكِ وانقضَتْ بِذَراك |
كًنتِ العروسَ على منصة ِ جنحها | لًبنانُ في الوشي الكريم جَلاكِ |
يمشي إليكِ اللّحظُ في الديباج أَو | في العاج من أي الشِّعاب أتاك |
ضَمَّتْ ذراعيْها الطبيعة ُ رِقَّة ً | صِنِّينَ والحَرَمُونَ فاحتضناك |
والبدرُ في ثبج السماءِ مُنورٌ | سالت حُلاه على الثرى وحُلاكِ |
والنيِّرات من السحاب مُطِلَّة ٌ | كالغيد من سترٍ ومن شُباك |
وكأَنَّ كلَّ ذُؤابة ٍ من شاهِقٍ | ركنُ المجرة أو جدارُ سِماك |
سكنتْ نواحي الليل ، إلا أنَّة ً | في الأَيْكِ، أَو وَتَراً شَجِيَّ حَراك |
شرفاً ـ عروس الأرز ـ كلُّ خَريدة | تحتَ السماءِ من البلاد فِداك |
رَكَز البيانُ على ذراك لواءَه | ومشى ملوكُ الشعر في مَغناك |
أُدباؤك الزُّهر الشموسُ ، ولا أرى | أَرضاً تَمَخَّضُ بالشموس سِواك |
من كلّ أَرْوَعَ علْمُه في شعره | ويراعه من خُلقه بملاك |
جمع القصائدَ من رُباكِ، وربّما | سرق الشمائلَ من نسيم صَباك |
موسى ببابك في المكارم والعلا | وعَصاهُ في سحر البيانِ عَصاكِ |
أَحْلَلْتِ شعري منكِ في عُليا الذُّرا | وجمعته برواية الأملاك |
إن تُكرمي يا زَحْلُ شعري إنني | أَنكرْتُ كلَّ قَصيدَة ٍ إلاَّك |
أَنتِ الخيالُ: بديعُهُ، وغريبُه | الله صاغك، والزمانُ رَواك |