نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ | شرقٌ تنبهَ بعدَ طولِ منام |
ثابتْ سلامته، وأقبل صحوهُ | إلا بقايا فترة ٍ وسقام |
صاحتْ به الآجامُ: هنتَ! فلم ينمْ، | أَعَلى الهوانِ يُنامُ في الآجامِ؟ |
أُمَمٌ وراءَ الكهفِ جُهْدُ حَياتِهم | حركاتُ عيشٍ في سُكونِ حِمام |
نفضوا العيونَ من الكرَى ، واستأنفوا | سفرَ الحياة ، ورحلة َ الأيام |
مَنْ ليس في رَكْبِ الزمانِ مُغَبِّراً | فکعْدُدْهُ بين غوابرِ الأَقوام |
في كلِّ حاضرة ٍ وكلِّ قبيلة ٍ | هممٌ ذهبنَ يرمن كلَّ مرام |
من كلِّ ممتنعٍ على أرسانهِ | أو جامحٍ يعدو بنصفِ لجام |
يا مصرُ، أنتِ كنانة ُ اللهِ التي | لا تُستباحُ، وللكِنانة ِ حامِ |
استقبلي الآمالَ في غاياتها | وتأمَّلي الدنيا بطرفٍ سام |
وخُذِي طَريفَ المجدِ بعدَ تَليدِه | من راحَتيْ مَلِكٍ أَغرَّ هُمام |
يُعْنَى بِسُؤدد قومِه، وحُقوقِهم | ويذودُ دونَ حياضهم، ويحامي |
ما تاجِ العالي، ولا نوَّابه | بالحانِثين إليكِ في الإقسام |
جَرَّبْتِ نُعْمَى الحادثاتِ وبُؤسَها | أَعَلِمْتِ حالاً آذَنَتْ بدوامِ؟ |
عبستْ إلينا الحادثاتُ، وطالما | نَزَلَتْ فلم نُغْلَبْ على الأَحلام |
من أَين جئتَ له بدارِ مُقام؟! | ويُرَقِّدون نَوازِيَ الآلام |
الحقُّ كلُّ سلاحهم وكفاحهم | والحقُّ نِعْمَ مُثَبِّتُ الأَقدام |
يَبنون حائطَ مُلْكِهم في هُدنَة ٍ | وعلى عواقبِ شحنة ٍ وخصام |
قلْ للحوادث: أقدِمي، أَو أَحجمي | إنَّا بنو الإقدامِ والإحجام |
نحن النيامُ إذا الليالي سالمتْ | فإذا وَثَبْنَ فنحنُ غيرُ نيام |
فينا من الصبرِ الجميلِ بقية ٌ | لحوادثٍ خَلْفَ العُيوبِ جِسام |
أين الوفودُ الملتقونَ على القرى | المُنزَلون مَنازلَ الإكرامِ |
الوارثون القُدْسَ عن أَحبارِه | والخالِفونَ أُميَّة ً في الشَّام؟ |
الحاملو الفصحى ونورِ بيانها | يَبنون فيه حضارة َ الإسلام؟ |
ويؤلِّفون الشرقَ في برهانها | لمَّ الضياءِ حَواشِيَ الإظلام؟ |
تاقوا إلى أَوطانِهم، فتحَمَّلوا | وهَوَى الديارِ وراءَ كلِّ غرام |
ما ضرَّ لو حبسوا الركائبَ ساعة ً | وثنَوْا إلى الفُسطاطِ فضلَ زِمام؟ |
ليُضيف شاهدُهمْ إلى أَيامِه | يوماً أغرَّ ملمَّحَ الأعلام |
ويرى ويسمع كيف عادَ حقيقة ً | ما كان ممتنعاً على الأوهام |
مِنْ هِمّة ِ المحكومِ وهو مُكبَّلٌ | بالقيد، لا من همَّة ِ الحكامِ |
مِصرُ التقتْ في مِهرجانِ مُحمدٍ | وتجمعتْ لتحية ٍ وسلامِ |
هَزَّتْ مَناكبَها له، فكأَنه | ظِلٌّ، وسُنْبُلة ٌ، وقَطرُ غَمام |
وكأنه في الفتح عموريَّة ٌ | |
أَسِمُ العصورَ بحسنِهِ، وأنا الذي | يروي، فينتظمُ العصورَ كلامي |
شرفاً محمدُ، هكذا تبنى العلا: | بالصبرِ آوِنة ً وبالإقدام |
هممُ الرجالِ إذا مضتْ لم يثنها | خدعُ الثناءِ ولا عوادي الذَّام |
وتمامُ فضلكَ أن يعيبكَ حسدٌ | يجدون نقصاً عندَ كلِّ تمَام |
المالُ في الدنيا منازلُ نقلة ٍ | |
فرفعتَ إيواناً كرُكنِ النَّجمِ، لم | يُضرَبْ على كِسرى ، ولا بَهرام |
صَيَّرْتَ طينتَه الخلودَ، وجئتَ مِنْ | وادي الملوكِ بجَنْدَلٍ ورَغام |
هذا البناءُ العبقريُّ أَتى به | بيتٌ له فضل وحقُّ ذمام |
كانت به الأرقام تدركُ حسبة ً | واليومَ جاوز حسبة َ الأرقام |
يا طالما شغف الظنونَ، وطالما | كثر الرجاءُ عليه في الإلمام |
ما زلتَ أَنتَ وصاحباك بِركنه | حتى استقام على أغرِّ دعام |
أَسَّسْتُم بالحاسدين جِدارَه | وبينتمو بمعاول الهدَّام |
شركاتك الدنيا العريضة ُ لم تنل | إلا بطول رعاية ٍ وقيام |
الله سخَّر للكنانة ِ خازناً | أَخذ الأَمانَ لها من الأَعوام |
وكأَن مالَ المودِعين وزرعَهم | في راحتيْك ودائعُ الأَيتام |
ما زلتَ تَبني رُكنَ كلِّ عظيمة ٍ | حتى أتيتَ برابع الأهرام |