عنوان الفتوى : ضرب المرأة زوجها وشتمها له، هل يعد نشوزًا؟
هل ضرب الزوج، والتلفّظ عليه، نشوز أم لا؟ فهناك من قال: إن سوء الأدب، ليس من النشوز، ولكنها آثمة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا القول الذي أشرت إليه بسؤالك هو قول الشافعية، حيث نصوا على أن شتم المرأة لزوجها، أو ضربها له، ليس من النشوز، وسبق أن نقلنا كلامهم في الفتوى: 81051.
ولا شك في أنها تأثم به، وتستحق التأديب عليه، كما نصوا على ذلك.
وذكر فقهاء الحنابلة سوء أدب المرأة مع زوجها في أمارات النشوز، ونصّوا على أنها إذا ظهرت منها أماراته، وعظها زوجها، ولا يهجرها في الفراش، أو يضربها؛ حتى يحصل منها النشوز حقيقة، بأن تعصيه، فتمتنع عن فراشه لغير عذر، أو تخرج من المنزل بغير إذنه، ونحو ذلك، قال البهوتي في كشاف القناع: وإذا ظهر عليها... أمارات النشوز بأن تتثاقل إذا دعاها، أو تتدافع إذا دعاها إلى الاستمتاع، أو تجيبه متبرمة متكرهة، ويختل أدبها في حقه؛ وعظها بأن يذكر لها ما أوجب الله عليها من الحق، وما يلحقها من الإثم بالمخالفة، وما يسقط بذلك من النفقة، والكسوة، وما يباح له من هجرها، وضربها... فإن رجعت إلى الطاعة والأدب؛ حرم الهجر والضرب؛ لزوال مبيحه.
وإن أصرّت على ما تقدم، وأظهرت النشوز بأن عصته، وامتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيته بغير إذنه، ونحو ذلك؛ هجرها في المضجع. اهـ.
وقد أوضح هذا التفريق بين النشوز وأماراته ابن قدامة في الشرح الكبير، حيث قال: وأما قوله: (واللاتي تخافون نشوزهن) الآية ففيها إضمار، تقديره: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، فإن نشزن؛ فاهجروهن في المضاجع، فإن أصررن؛ فاضربوهن... اهـ.
وعند كلام الحنفية، والمالكية عما يحصل به النشوز ذكروا كذلك أن النشوز يكون بالامتناع عن الفراش لغير عذر، والخروج من المنزل بغير إذن الزوج، ولم نجد لهم كلامًا عن الإساءة للزوج، أو ضربه.
وعلى كل؛ فإن القول بأن هذا التصرف ليس نشوزًا، لا يعني جوازه، بل هو محرم، تأثم به المرأة -كما أسلفنا-، وتؤدَّب عليه، ولكن عدم اعتباره نشوزًا قد يكون مقصودًا به أنه لا تترتب عليه أحكام النشوز، بحيث يسقط عن المرأة بسببه حقوقها الزوجية من النفقة، والوطء، والقسم في المبيت، ونحو ذلك.
وقد ضمنا الفتوى: 408331 بعض النصوص الدالة على ترهيب المرأة من إيذاء زوجها.
والله أعلم.