ما ردَّ سلوتهُ إلى إطربهِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ما ردَّ سلوتهُ إلى إطربهِ | حتَّى ارعوى وحدا الصِّبا بركابه |
إن كانَ ليس به الجنونُ فإنما | لعب الرقاة ُ بقلبه أو ما به |
إلى " عبيدة " شوقه ونزاعه | إِنَّ الْمُحبَّ مُعذَّبٌ بِحِبَابِه |
ما زال مذ زال الغزال منقباً | بطريفة ٍ من عينه ونقابه |
رِيمٌ تَعَرَّضَ كالْبُرُودِ لِرَأيِه | فَصَبَا ووكَّلَهُ الصِّبا بِطِلاَبه |
عرضت لهُ بجمالها ودلالها | عنْدَ الْمَثَاب فَحِيلَ دُون مَثَابِهِ |
تغْدُو لهُ الْعَبَراتُ عنْد غُدُوِّه | وتؤوبه الزفراتُ عند إيابه |
إن قيل : من حلب الصبا لفؤاده | فاذكر عبيدة ليس من جلاَّبه |
شخْصٌ برُؤْيتِه مُناهُ وهَمُّهُ | وحديثهُ في جدِّه ولعابه |
أنى أروم به السلو ولم أزل | بخياله أرقى وطيب ثيابه |
لوْ مُتُّ ثُمَّ سَقَيْتَنِي برُضابِه | رجعت حياة ُ جنازتي برضابه |
إن خطَّ قبري نائياً عن بيته | فاجعل حنوطي من دقاقِ ترابه |
سَقْياً لهُ ولمُدخلٍ أُدْخلْتُهُ | يوْم الْخميس عليْه في أتْرابه |
ولقدْ عجبْتُ من الْجرِيِّ يقُولُ لي | لمَّا بدا في حليه وخضابه |
أَهُو الْحبيبُ بَدَا لعيْنك أمْ دَنَتْ | شمسُ النهار إليك في جلبابه |
فزنا بمجلسنا فيا لك مجلساً | قَصَرَ النَّهارَ وصاحبي ازْرى به |
نصل الحديث إذا أمنا عينهُ | عجباً به ونروحُ من عيَّابه |
و«ربابُ» ترْمُقُ منْ ألمَّ بعيْنها | سلمت من الأقذاء عين ربابه |
حتَّى إِذا انخرق الصَّفاءُ بمنْطقٍ | بلغ العتابَ وكان دون عتابه |
قالت: «كُتامة ُ» داخلٌ وكأَنَّما | بعثتْ لهُ ابْن مُفدَّم بعَذابه |
قد كان يشفقُ من تقاصر يومه | في بيْته وكُتامة َ الْمُنْتابه |
شحا عليه ورهبة ً من يومه | فالآن أصبح موقناً بذهابه |
ولقدْ أقُولُ لشامتٍ بفراقه | ملقِ الحديثِ إذا غدا كذَّابه: |
سامح أخاك إذا غدوت لحاجة ٍ | واتْرُكْ مساخطهُ إِلَى إِعْتابه |
فلقد أسوي للضغائن مثلها | وأصِي الْبغيضَ ولسْتُ بالْهيَّابه |
وأحدَّ من ولد الجديل أعارهُ | طرفُ النُّسُوع أخذْن في أقْرابه |
عرْدٌ إِذَا خَرِسَ الْمطيُّ كأنَّما | يغدو يجرجرُ دارس في نابه |
وإذا سرى كحل الزميل بأرقة ٍ | من قرع بازله ومن قيقابه |
وكأن منفضج الحميم بليتهِ | دهنٌ شببت سواده بملابه |
غول البلاد إذا المقيل تحرقت | آرامُهُ وجرتْ بماءِ سَرَابه |
يثِبُ الإِكَامَ إِذا عرضْن لوجْهه | من عرب أغلب ليس من إنعابه |
بنجاء مُنْسرح الْيديْن تخالُهُ | عنْد الْكلاَل يُزادُ في إِلْهابه |
دَامِي الأَظلِّ علَى الْحِدابِ كأنَّما | خضبت بعصفره رؤوس حدابه |
وكأنه من وحش وجرة َ ناشطٌ | يقْرُو الْعَقَنْقل آلِفاً بعذابه |
جذل المها وصوار كلِّ خميلة ٍ | لا عن تجفُّله نجاء خبابه |
أَرِجُ الْقِنَان إِذَا ترجَّلت الضُّحى | صخب القنابر تحت ظل سحابه |
للشمس يسجدُ طائعاً ريحانه | ويبيتُ يأرَقُ ضيْفُهُ بذُبابه |
حتى إذا طلع الزمان بعيشة ٍ | فيها وسال عليه بعضُ شعابه |
حنف المبيت له بأوجس ليلة ٍ | منْ صوْت راعده ومنْ تَسْكابه |
فأقام يشْخصُهُ الثَّرى ويُسيرُهُ | قرب السفا ليسيح في منجابه |
صرر الأديم إذا أرب به الندى | غشِيَ الأَلاَءَ يلُوذُ منْ إِرْبابه |
حتى إذا غدت الورى وغدا بها | مثل المريض أفاق من أوصابه |
وتجوَّبتْ مِزَقُ الدُّجَى عنْ واضحٍ | كالفرق وانكشفت سماء ضبابه |
سَبَقَ الشرُوقَ إلِيْه أَشْعثُ شاحبٌ | تلِدُ الضِّراءَ فهُنَّ منْ أكْسابه |
فانصاع من حذرٍ على حوبائه | وتَبْعْنهُ يَنْسَبْنَ في مُنْسابه |
حتَّى إِذا سمع الضُّباحَ خلاَفَهُ | وعرضنه طلقاً على أعطابه |
كر الشبوب على الضراء بروقه | فاختل لبة زانجٍ وزنابه |
ومضى يزلُّ علَى الْمِتان كأنَّهُ | نجمٌ لمسترق هوى بشهابه |
فكذاك ذلك إِذْ رفعْتُ قُيُودهُ | أصلاً وميثرتي على أصلابه |
هجر المقامة أن تكون مناخه | بأغر تزدحم الوفود ببابه |
مُتحاسدينَ علَى لِقَاء مُسَوَّدٍ | رحب الفناء جدٍ على أصحابه |
رَجُلٌ إِذا زَأرتْ أسُودُ قبيلة ٍ | زأر المهلب وابنه في غابه |
داود إنك قد بلغت بحاتمٍ | شرف العلى وذهبت في أسبابه |
وبَنَى قَبيصة ُ والْمُهلَّبُ مَعْقِلاً | وَبَنيْتَ بَيْتَكَ في ذُرى صُلاَّبِه |
هذا وذاك وذا وأنْتَ، ولم تزلْ | تزْدادُ في شرفِ الْبِنَى ورِحَابه |
هل تجفونَّ فتى ً يقول لمجدبٍ | وَسْقُ الْمطيِّ يفرُّ منْ أَجْدابِه |
داود غيثك إن بسطت بلاده | فانزل ضمنت لك الحبا بجنابه |
وأبلَّ يَلْتَهِمُ الْخُصُوم مُرَغَّمٍ | بصوابِ مَنْطِقِه وغيْرِ صَوَابِه |
وجَّهْتَ عنْ بِنْتِ السَّبيل سبيلَهُ | بمحالة ٍ وردعته بجوابه |
وإذا الخطوبُ تقنَّعت عن لاقحٍ | تدعُ الذليل لنسره وغرابه |
ألْقتْ بَنُو يَمَنٍ إِليْك أمورَها | وربيعة َ بْنِ نزارٍ الرَّبابه |
قعد الأغرُّ لدى الكريهة والذي | عنْد الْملاَحم يُشتفى بِضِرَابِه |
سهم اللقاء إذا غدا في درعه | رأبت مشاهده الثأى برئابه |
منْ لِينٍ جَانِبِه ولَيْن حِجَابِه | |
وإِذا اكْتَحَلْتَ به رأيْتَ مُبَتَّلاً | لَبِسَ النَّعيمَ علَى أديم شَبابِه |
ينفي مواهبه النوافذ كلها | منْ سَيْبِ مُشْرك النَّدى وهَّابِه |
يعطي البدور مع البدور ولو عرا | حقٌّ لأعطى ما له برقابه |
وإِذَا تنزَّلُ في الْبِطاح قِبابُهُ | في الْمُحْرِمِين عَرفْتَهُ بِقِبابِه |
وقيانه الغر النواصف أهلها | وقيام غاشيه على أبوابه |
منْ رَاغبٍ يَعِدُ الْعِيالَ نَوَالَهُ | بعد الرجوع وراهبٍ لعقابه |