سَأَلْتَ نَجِيَّتِي شَيْئاً يُقَالُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَأَلْتَ نَجِيَّتِي شَيْئاً يُقَالُ | فَلَمْ تَأْبَهُ وَلَمْ يُجَبِ السُّؤَالُ |
مُخَدَّرَةٌ أَبَتْ لاَ عَنْ دَلاَلٍ | وَلَوْ فَعَلَتْ لَحَقِّ لَهَا الدَّلاَلُ |
وَلَكِنْ مَسَّهَا ضُرٌّ عرَاَنِي | فَفِيهَا مِنْ تَبَارِيِحي كَلاَلُ |
إِذَا مَا الدَّاءُ أَقْعَدَ جِسْمَ حَيٍّ | أَتَنْشَطُ رُوحُهُ وَبِهَا عِقَالُ |
عَلَيَّ لِصَفْوَةٍ نُجُبٍ حُقُوقٌ | أَنوءُ بِهَا وَأَعْبَاءٌ ثِقَالُ |
لَقُونِي زَائِراً وَلَقُوا صَدِيقِي | بِأُنْسٍ فَاقَ مَا كُنْا نَخَالُ |
وَأَولُوْنَا القَلاَئدَ فِي حِلاَهَا | تَنَافَسَ الاِرْتِجَالُ وَالاِحْتِفَالُ |
فَمَا أَنَا فِي الوَفَاءِ وَمَا رَفِيقِي | إِذَا مَا أَعْجَزَ الشُّكْرَ النَّوَالُ |
قَضَى مَا اسْطَاعَ يُوسُفُ عَنْ أَخِيهِ | وَنِعْمَ العَوْنُ يُوسُفُ وَالثِّمَالِ |
لَهُ بِمَوَدَّةِ السُّودَانِ عَهْدٌ | وَثِيقٌ لاَ تَرِثُّ لَهُ حِبَالُ |
تَيَمَّمْنَا مَرَابِعَهُمْ فَمَاذَا | جَلاَ فِيهَا لَنَا السِّحْرُ الحَلاَلُ |
بِلاد تَصْطَبِي الأَحْلاَمَ فيهَا | حَقِيقَتهَا وَيَسْبِيهَا الخَيَالُ |
لِمَجْرَى نِيلِهَا وَلضَفَّتَيْهِ | جَمَالٌ لاَ يُبَاهِيهِ جَمَالُ |
وَلِلْبِيدِ السْحِيقَةِ وَالرَّوَاسِي | جَلاَلٌ لاَ يُضَاهِيهِ جَلاَلُ |
وَلَيْسَ كَأَيْكِهَا أَيْكٌ يُغَنِّي | وَلاَ كَدِحَالِهَا زَأَرَتْ دِحَالُ |
فَإِنْ يَكُ شَعْبُهَا كَرَماً وَبَأْساً | يُمَثِّلُها فَقَدْ رَاعَ المِثَالُ |
شَمَائِلُ حُلْوَةٌ طَابَتْ وُرُوداً | عَلَى مَرِّ الزِّمَانِ وَمَا تَزَالُ |
وَإِقْدَامٌ عَلَى الجُلَّى وَعَزْمٌ | لَهُ إِنْ مَسَّهُ الضَّيْمُ اشْتِعَالُ |
بَنِي السُّودَانِ حَيَّا الله قَوْماً | بِهِمْ هَذِي الفَضائِلُ وَالخِصَالُ |
لَقَدْ عَبَرَتْ بِكَمْ مِحَنٌ كِبَارٌ | بِهَا أَبْطَالُكُمْ جَالُوا وَصَالوا |
وَأَعْقَبَهَا تِرَاكٌ لَمْ تَذِلُّوا | لِحُكْمِ الدَّهْر فِيهِ وَلَمْ تُذَالُوا |
فَأَمَّا فِي الغَدَاةِ وَقَدْ نَهَضْتُمْ | فَمَا مِنْ عَثْرَةٍ إِلاَّ تُقَالُ |
شَبَابٌ أَذْكِيَاءُ تَلُوحُ فِيهِمْ | لِكُلِّ عَظِيمَةٍ تُرْجَى خِلاَلُ |
وَأَشْيَاخٌ مَيَامِينٌ حِصَافٌ | تُزَكِّي مَا يَقُولُونَ الفِعَالُ |
فِهيَّا فِي نَوَاحِي المَجْدِ هَيَّا | وَلاَ يَعْدَمْ سَوَابِقَكُمْ مَجَالُ |
أَعِدُّوا لِلْحِمَى الغَالِي حُمَاةً | إِذَا قَالَ الحِمَى أَيْنَ الرِّجَالُ |
بَنِي السُّودَانِ حَاجَةُ كلِّ قَوْمٍ | لِيَعْلو شَأَنُهُمْ عِلْمٌ وَمَالُ |
فَإِنْ قَرِنَتْ شَجَاعَتُهُمْ بِقَصْدٍ | وَتَثْقِيفٍ فَقَدْ ضمِنَ المَآلُ |
وَكُلُّ مُحَاوِلٍ إِدْرَاكَ حَقٍ | سُيدْرِكُهُ وَإِنْ طَالَ المِطَالُ |
وَهَلْ حَقّ إِلَيْهِ الشَّعْبُ يَسْعَى | بِإِيمَانٍ وَصَبْرٍ لاَ يُنَالُ |
لَكمْ فِي مِصْرَ إِخْوَانٌ ثِقَاتٌ | هَوَاهُمْ لاَ تُغَيِّرُ مِنْهُ حَالُ |
وَبَيْنَكُمُ وَبَيْنَهُمُ قَدِيماً | وَشَائِجُ لَنْ يُلِمَّ بِهَا انْحِلاَلُ |
فَمَا عَنْ أَمْرِكمْ بِهِمْ اشْتِغَالُ | وَمَا عَنْ أَمْرِهِمْ بِكُمْ اشْتِغَالُ |
وَلَيْسَ لِمِصْرَ وَالسُّودَانِ إِلاَّ | وَرِيدٌ كَيْفَ بَيْنَهُمَا يُحَالُ |
وَهَذَا النَّيلُ نِيلُهُمَا جَمِيعاً | كَفَى سَبَباً لِيَخْلُدَ الاِتِّصَالُ |
أَمَا الوَادِي وَمَجَرَاهُ جَنُوبٌ | هُوَ الوَادِي وَمَجْرَاهُ شَمَالُ |
هُمَا دَارَانِ فِي وَطَنٍ عَزِيزٍ | وَفِي الدَّارَيْنِ إِخْوانٌ وَآلُ |