أرشيف المقالات

استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثا

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا


عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود، أول ما يطوف يَخُبُّ ثلاثة أشواط.
 
♦ قال البخاري: باب كيف كان بدء الرَّمَل[1]، وذكر الحديثين.
 
♦ قال الحافظ: (أي ابتداء مشروعيته وهو بفتح الراء والميم هو الإسراع، وقال ابن دريد: هو شبيه بالهرولة، وأصله أن يحرك الماشي منكبيه في مشيه)[2].
 
♦ قوله: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة)؛ أي: في عمرة القضاء.
 
♦ قوله: (فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حُمى يثرب)، وفي رواية: قد وهنتهم حمى يثرب؛ أي: أضعفتهم.
 
♦ قال الحافظ: (ويثرب اسم المدينة النبوية في الجاهلية، ونُهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تسميتها بذلك، وإنما ذكر ابن عباس ذلك حكايةً لكلام المشركين.
 
♦ قوله: (فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين).
الأشواط: جمع شوط، وهو الجري مرة إلى الغاية، والمراد به هنا الطوفة حول الكعبة.
 
♦ قوله: (وأن يمشوا ما بين الركنين)؛ أي: اليمانيين، وعند أبي داود: وكانوا إذا تواروا عن قريش بين الركنين مشوا، وإذا طلعوا عليهم رملوا، وللبخاري: فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم لعامه الذي استأمن، قال: ارملوا؛ ليرى المشركون قوتهم، والمشركون مِن قِبَلِ قعيقعان.
 
♦ قال الحافظ: وهو يشرف على الركنين الشاميين، ومن كان به لا يرى من بين الركنين اليمانيين، ولمسلم: فقال المشركون هؤلاء الذين زعمتم أن الحُمى وهنتهم، لهؤلاء أجلد من كذا...
 
♦ قوله: (ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم)، الذي في البخاري: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم؛ أي: الرفق بهم والإشفاق عليهم.
 
♦ قال الحافظ: لم يمنعه من أمرهم بالرمل في جميع الطوفان إلا الرفق بهم)
[3].
 
♦ وقال البخاري: باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا، ثم ذكر حديث ابن عمر: "يخب ثلاثة أشواط"، في رواية: "يخب ثلاثة أطراف من السبع"، وفي رواية: كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطراف ويمشي أربعة، وأنه كان يسعى بطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، وفي رواية: كان إذا طاف في الحج أو العمرة أوَّل ما يقدم، سعى ثلاثة أطراف ومشى أربعة، ثم سجد سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة[4].
 
وقوله: يخب؛ أي: يُسرع في مشيه.
قوله: من السَّبع بفتح أوله؛ أي: السبع طوفات، وظاهره أن الرمل يستوعب الكوفة، فهو مغاير لحديث ابن عباس الذي قبله؛ لأنه صريح في عدم الاستيعاب.
 
♦ قال الحافظ: (اقتصروا عند مراءاة المشركين على الإسراع إذا مروا من جهة الركنين الشاميين؛ لأن المشركين كانوا بإزاء تلك الناحية، فإذا مروا بين الركنين العمانيين مشوا على هيئتهم كما هو بيِّن في حديث ابن عباس، ولما رملوا في حجة العدل أسرعوا في جميع كل طرفة، فكانت سنة مستقلة؛ انتهى.
 
وفي حديث ابن عمر: فما لنا وللرمل، إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نحب أن نتركه.
 
وعند الحاكم من حديث أبي سعيد: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجته وعمره كلها وأبو بكر وعمر والخلفاء، وزاد أبو داود في حديث عمر: فيم الرمل والكشف عن المناكب؛ الحديث، والمرادُ به: الاضطباعُ.
 
♦ قال الحافظ: أن عمر كان همَّ بترك الرمل في الطواف؛ لأنه عرف سببه وقد انقضى، فهمَّ أن يتركه لفقْد سببه، ثم رجع عن ذلك لاحتمال أن تكون له حكمة ما اطَّلع عليها، فرأى أن الاتِّباع أولى من طريق المعنى، وأيضًا أن فاعل ذلك إذا فعله تذكَّر السبب الباعث على ذلك، فيتذكر نعمة الله على إعزاز الإسلام وأهله)
[5].
 
♦ قال الموفق: (ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمدًا، أو طواف القدوم إن كان مفردًا أو قارنًا، ويطوف سبعًا يرمل في الثلاثة الأولى منها، وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى، ولا يثب وثبًا، ويمشي أربعًا)[6]؛ انتهى.
 
♦ قال الحافظ: (لا يشرع تداركُ الرمل، فلو تركه في الثلاث لم يقْضه في الأربع؛ لأن هيئتها السكينة فلا تغير، ويختص بالرجال فلا رمل على النساء، ويختص بطواف يعقبه سعي على المشهور، ولا فرق في استحبابه بين ماش وراكب، ولا دم بتركه عند الجمهور، وقال الطبري: قد ثبت أن الشارع رمل ولا مشرك يومئذ بمكة؛ يعني في حجة الوداع، فعلم أنه من مناسك الحج، إلا أن تاركه ليس تاركًا لعمل، بل لهيئة مخصوصة، فكان كرفع الصوت بالتلبية، فمن لَبَّى خافضًا صوته، لم يكن تاركًا للتلبية، بل لصفتها، ولا شيء عليه)[7].

[1] صحيح البخاري: (2 /184).

[2] فتح الباري: (3/ 463).

[3] فتح الباري: (7/ 509).

[4] صحيح البخاري: (2 /185).

[5] فتح الباري: (3 /472).

[6] الشرح الكبير لابن قدامة: (3 /382).

[7] فتح الباري: (3 /472).

شارك الخبر

المرئيات-١