عُمْرٌ قَطَعْتَ مَدَاهُ قَبْلَ أَوَانِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عُمْرٌ قَطَعْتَ مَدَاهُ قَبْلَ أَوَانِ | خُذْ بِالمُخْلَّدِ وَاعْدُ مَا هُوَ فَانِ |
مَا زِلْتَ فِي جِدٍّ وَجَدٍّ عَاثِرٍ | حَتَّى سَمَوْتَ وَدُونَكَ القَمَرَانِ |
عَجَّلْتَ بَيْنَكَ فِي جِهَادِكَ فَاحْتَوَى | مَعْنَى الشَّهَادَة وَهْيَ ذَاتُ مَعانِ |
أَعْزِزْ عَلَى أَهْلِ النُّهَى أَلاَّ تُرَى | فِي الشَّوْطِ حِينَ تَسَابُقِ الأَقْرَانِ |
وَعَلَى النَّديِّ مَكَانُكَ الخَالِي إِذَا | رَنَتِ العُيُونُ إِلَى أَعَزِّ مَكَانِ |
مِنْ آلِ عَقْلٍ لا يَخِرُّ مُكَافِحٌ | حَتَّى يَلُوحَ مِنَ الصُّفُوفِ الثَّانِي |
غُرٌّ مِنَ الفِتْيَانِ مَا بَرِحْتَ لَهُمْ | فِي الصَّالِحَاتِ البَاقِيَاتِ يَدَانِ |
لِي فِيهِمُ الأَصْفَى مِنَ الأَحْبَابِ لا | أَعْدَمْهُ وَالأَوْفَى مِنَ الخُلاَّنِ |
وَهَبُوا النَّفَائِسَ وَالنُّفُوسَ كَأَنَّهَا | فَضَلاتُ زَادٍ فِي هَوَى لُبْنَانِ |
وَإِذَا ذَكَرْتَ فِدَى سَعِيدٍ مِنْهُمُ | وَضَحَتْ صَحِيفَتُهُمْ مِن العُنْوَانِ |
مَاذَا دَهَى الأَفْرَاخَ فِي ظِلٍّ ضَحَا | عَنْ أَيْكَةٍ فِي نَعْمَةٍ وَأَمَانِ |
كَشَفَتْ مُفَاجَأَةُ الرَّزِيئَة سِتْرَهَا | وَانْتِيبَ مَأَلَفُ عِزِّهَا بِهَوَانِ |
لا لاَ وَيَأْبَى العَدْلُ ذَاكَ مَثُوبَةً | لِمُخَلِّفٍ ذِمَماً عَلَى الأَوْطَانِ |
أَبْكِيكَ يَا خِدْنِي وَكَمْ مُتَقَدِّمٍ | أَمْسَيْتُ أبكِيه مِنَ الأَخْدَانِ |
كَثرَتْ جِرَاحَاتِي وَأَحْدَثُ مَا أَتَى | مُتَلاحِقاً وَأَمَضُّهُ جُرْحَانِ |
أَخَوَانِ فِي عَامٍ رُزِئْتُهُمَا وَمَنْ | كَانَا لَعَمْرِي ذَانِكَ الأَخْوَانِ |
بِالأَمْسِ كُنْتَ عَزَاءَ قَلْبِي عَنْهُمَا | وَاليَوْمَ قَلْبِي فَاقِدُ السُّلْوَانِ |
يَا شَاعِرَ العَرَبِ الَّذِي آثَارُهُ | جَمَعَتْ عُيونَ الشِّعْرِ فِي دِيوَانِ |
صُغْتُ القَرِيضَ فَرَاحَ يَبْهَى فِي الحِلَى | مَا صِيغَ مِنْ دُرٍّ وَمِنْ عِقْيَانِ |
أَللُّطْفُ فِي تَأْلِيفِه وَالظَّرْفُ فِي | تَصْرِيفه صِفَتَانِ بَيِّنَتَانِ |
تَتَبَارَيَانِ جَزَالَةً وَسُهُولَةً | وَإِلَى اسْتِلابِ اللُّبِّ تَسْتَبِقَانِ |
مَنْ يَنْظِمُ المَعْنَى الدَّقِيقَ وَيُحْكِمُ المَبْ | نَى الرَّقِيقَ بِذَلِكَ الإِتْقَانِ |
قَوْلٌ أَعَارَتْهُ الطَّبِيعَةُ زِينَةً | خَلاَّبَةً مِنْ حُسْنِهَا الفَتَّانِ |
مَا أَجْمَلَ الصُّوَرَ الَّتِي تُجْلَى بِهِ | فِي أَبْهَجِ الأَنْوَارِ وَالأَلْوَانِ |
لَمْ يَنْصُرِ الفُصْحَى كَنَصْرِكَ جِهْبَذُ | مُتَضَلِّعٌ مُتَوَسِّعٌ فِي آنِ |
قَوَّى مَعَاقِلَهَا وَدَرَّبَ نَشْأَهَا | فَبَنَى لَهَا جُدُراً مِنَ الأَرْكَانِ |
وَأَقَرَّهُ فِي الصَّدْرِ مِنْ دِيَوانِهِمْ | أَشْيَاخُهَا بِالطَّوْعِ وَالإِذْعَانِ |
وَاحَسْرَتَا إِنَّ الكِنَانَةَ لَمْ تَفُزْ | بِأَثَارَةٍ مِنْ ذَلِكَ العِرْفَانِ |
أُدَبَاءَ لُبْنَانَ الكِرَامَ عَزَاءَكُمْ | إِنَّا لَمُشْتَرِكُونَ فِي الأَحْزَانِ |
هَلْ حَلَّ خَطْبٌ بِالشَّآمِ وَأَهْلِهِ | إِلاَّ تَقَاسَمَ شَجْوَخُ القُطْرَانِ |
إِنْ لَمْ تَرَوْنِي فِي الجَمَاعَة حَاضِراً | جِسْماً فَإِنِّي حَاضِرٌ بِجَنَانِي |
مَا بِي وَنىً عَمَّنْ دَعَانِي مِنْكُمُ | لَكِنَّ حُكْماً لا يُرَدُّ عَدَانِي |
شَأْنُ الصِّحَافَة أَنْ تُشَرِّفَ مَنْ بِهِ | شَرُفَتْ وَمَنْ أَوْلَى بِذَاكَ الشَّانِ |
أَدُّوا حُقُوقَ نَقِيبِهَا وَخَطِيبِهَا | فَأَدِيبِهَا المُتفَوِّقِ الفَنَّانِ |
أَلكَاتِبِ الحُرِّ المُجِيد النَّائِبِ ال | بَرِّ الشَّديد العَزْمِ وَالإِيمَانِ |
رَجُلٌ قُصَارَى جُهْدهِ فِي قَوْمِهِ | نَصْرُ المَضِيمِ أَوِ افْتِكَاكُ العَانِي |
يَحْمِي حَقِيقَتَهُمْ وَحُرِّيَّاتِهِمْ | بِشَجَاعَةِ المُسْتَبْسِلِ المُتَفَانِي |
وَيَرُدُّ كَيْدَ خُصُومِهِمْ فِي نَحْرِهِمْ | بِلِسَانِ صِدْقٍ دَامِغِ البُرْهَانِ |
وَيُنَزِّهُ الأَخْلاقَ مِنْ شُبَهٍ بِهَا | وَيُطَهِّرُ الآدَابَ مِنْ أَدْرَانِ |
أَوَدِيعُ نَقْضِيكَ الوَدَاعَ وَكُلُّنَا | ذَاكِي الحَشَى مُسْتَعْبِرُ الأَجْفَانِ |
سَتُعِيدُ طَيْرُ الأَرْزِ مَا عَلَّمْتَهَا | مِنْ شَدْوِكَ المُشْجِي عَلَى الأَزْمَانِ |
وَسَتَذْكُرُ الضَّادُ اعْتِزَازَ بَيَانِهَا | بِكَ مَا جَرَتْ ذِكْرَى أَمِيرِ بَيَانِ |