فَخْرُ الْبِلاد بِعَهْدهَا الْمُتَجَدِّد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فَخْرُ الْبِلاد بِعَهْدهَا الْمُتَجَدِّد | سَيَظَلُّ مُقْتَرِناً بِذِكْرَى أَحْمَدِ |
مَاذَا يُعَزِّي عَنْهُ أُمَّتَهُ وَهَلْ | لِلأُمِّ سَلْوى عَنْ فَتَاهَا الأَوْحَدِ |
لَوْ فِي عُلاَهَا فَرْقَدانِ لَهَانَ مَا | تَلْقَى وَكَانَ لَهَا العَزَاءُ بِفَرْقَد |
نَجْمٌ تَرَامَى النُّورُ مِنْ عَلْيَائه | فَأَضَاءَ آفَاقَ الزَّمَانِ الأَرْبَد |
لأْلاَؤُهُ يَرْفَضُّ أَلْوَاناً وَفِي | ذَاكَ التَّشَعُبِ قُوَّةٌ لَمْ تُعْهَد |
وَالعَبْقَرِيَّةُ قَدْ تُفَرِّقُ فِي حَلىً | شَتَّى مَظَاهِرِ وَحْيِهَا المْتُوَقِّد |
عَجَبٌ وَمَوْرِدهُّنَّ مِنْهَا وَاحِدٌ | أَنْ يَخْتَلِفْنَ عَلَى اتِّفَاقِ الْمَوْرِد |
وَالَهْفَ مِصْرَ عَلَى فَقَيدٍ رِزْءُهُ | رِزْءٌ إِذَا أَحْصَيْتُهُ لَمْ يُعْدَد |
نَزَلَ الْقَضَاءُ بِه فَطَاحَ بِعَالِمٍ | مُتَفَوِّقٍ وَبِحَاسِبِ مُتَفَرِّد |
وَبِمُنْشِيءٍ مَا صَاغَ إِلاَّ الْمُنْتَقَى | وَبِمُفْصِحٍ مَا قَالَ غَيْرَ الْجيِّد |
وَبِمُحْكَمِ التَّدْبِيرِ يَرْعَى مَا رَعَى | قَصْداً وَيُسْرِفُ فِي الْعنَاءِ الْمُجْهَد |
تُبْدِي لِعَيْنَيْهِ الأُمُورُ لُبَابَهَا | وَيُحَلُّ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلُّ مُعَقَّد |
نَاهِيكَ بِالشِّيَمِ الْحِسَانِ وَقِسْطِهِ | مِنْ كُلِّهَا قِسْطِ الأَعَزِّ الأَمْجَد |
أَخْلاَقُ مُقْتَدِرٍ حَلِيمٍ حَازِمٍ | سَمْحٍ قَوِيمِ النَّهْجِ طَامِي الْمَقْصدِ |
يَهدِي سَنَاهُ سَبِيلَ كُلِّ مُثَقَّفٍ | جَارَتْ بِهِ الدُّنْيَا فَلَيْسَ بِمُهْتَدِ |
ويَصِيبُ مِنْهُ كُلَّ طَالِبِ نَجْدَةٍ | حَظّاً إِذَا مَا قِيلَ هَلْ مِنْ مُنْجِدِ |
يَلْقَاكَ بِالْبِشْرِ الطَّلِيقِ وَأَنْتَ مِنْ | إِجْلاَلِهِ تِلْقَاءَ أَهْبَبَ أَصْيَدِ |
مَا كَانَ أَسْكَتَهُ وَأَرْبَطَ جَأْشِهِ | فِي لَزْبَةِ الحَدَثٍ الْمُقِيمِ الْمُقْعَدِ |
نَفَعَ الصِّنَاعَةَ وَالزِّرَاعَةَ بَاذِلاً | لِصَلاَحِ حَالِهِمَا يَداً تِلْوَ الْيَد |
وَرَعَى مَعَاهِدَ الاقْتِصَادِ فَأَزهَرَتْ | وَقَضَتْ مُنىً بِعَدِيدِها الْمُتَعَدِّدِ |
كَانتْ خَزَائِنُ مِصْرَ طَوْعَ بَنَانِهِ | وَمَضَى نَقِيّاً جَيبُهُ حُلْوَ الْيَد |
إِلاَّ فُضُولاً مِنْ مُحَلِّلِ كَسْبِهِ | لَمْ تُحْتَسَبْ فِيْهَا مُعَاجَلَةُ الْغَد |
لَوْلاَ النَّزَاهَةُ وَهْيَ أَغْلَى ذُخْرِه | مَا مَاتَ مُغْنِي الْقَوْمِ شِبْهَ مُجَرَّدِ |
وارَحْمَتَا لِلْمُسْتَقِرِّ بِرِغْمِهِ | وَالْعَزْمُ بَيْنَ ضُلُوعِهِ لَمْ يَهْمُدِ |
مِصْر الْهَوَى لَمْ بَلْهِهِ عَنْهَا هَوىً | فَإِذَا دَعَتْ لَبَّى وَلَمْ يَتَرَدَّدِ |
أَدْمَى حَشَاهَا أَنْ يَجُودَ بِنَفْسِهِ | حُباً وَلَمْ تَمْلُك فِدىً لِلْمُفْتَدِي |
قَبْلَ الأَوَانِ ثَوَى وَكَمْ مِنْ لَفْتَةٍ | يَوْمَ اسْتَقَلَّ لِفَاقِدٍ مُتَفَقِّدِ |
سَارَتْ تُشَيِّعُهُ الْجُمُوعُ وَلَمْ يَكُنْ | فِيهَا سِوَى الْبَاكِي أَوِ الْمُتَنَهِّدِ |
وَتَسَاوَتِ الطَّبَقَاتُ خَاشِعَةً فَلَمْ | يُرَ مَشْهَدٌ بِجَلاَلِ ذَاكَ الْمَشْهَدِ |
يَا رَاحِلا أَتَتِ الْمَنِيَّةُ دُونَهُ | وَبِهِ النُّفُوسُ عَوَالِقٌ لاَ تُبْعَدِ |
صِمْصَامُ قَوْمٍ أَغْمَدَتْهُ وَلَمْ يَكُنْ | أَيَّامَ حَاجَتِهِمْ إِليْهِ بِمُغَمَدِ |
وَشِهَابُ أَوْجٍ عُطِّلَتْ عَلْيَاؤُهُ | مِنْ أَفْخَرِ الزِّيناتِ فِي الْمُتَقَلِّدِ |
فِي الْحَقِّ أَنَّكَ نِمْتَ نَوْماً هَادِئاً | سَيَطُولُ أَمْ هَذَا غِرَارُ مُسَهَّدِ |
وَرَحَمْتَ نَفْسَكَ أَمْ عَصَتْكَ فَأُسْقِ | طَتْ عَنْهَا تَكَالِيفُ الجِهَادِ السَّرْمَدِ |
مَنْ ظَنَّ خِلْوَتَكَ الأَمِينَةَ حَوْمَةً | فِيهَا تُلاَقِي مَصْرِعَ الْمُسْتَشْهِدِ |
سَتَعِيشُ بِاسْم فِي الْقُلُوبِ مُخَلَّدٍ | إِن كَانَ هَذَا الْجِسْمُ غَيْرَ مُخَلَّد |
وَسَيَكْمِلُ إِبْنُكَ مَا بَدَأْتَ مُؤَيَّداً | بِرِعَايَةِ اللهِ الْعَلِّي الأَيِّدِ |
يَا سرَّ أَحْمَدَ وَالْبَقَاءُ تَسَلْسُلٌ | مَاذَا تُسَامُ لِصَوْنِ أَكْرَمِ مَحتدَ |
أَعْزِزْ عَلَى الْقُرَبَاءِ وَالبُعَدَاءِ أَنْ | تُمْنَى بِفَقْدِ أَبِيكَ مُنْذُ الْمَوْلِدِ |
عِشْ لِلْحِمَى وَانْبُتْ نَبَاتاً صَالِحاً | وَانْبُغْ وَكُنْ زَيْنَ العُلَى وَالسُّؤْدَدِ |