وَفَدْتُ وَمِصْرُ فِي الظَّلْمَاءِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
وَفَدْتُ وَمِصْرُ فِي الظَّلْمَاءِ | مُوِحشةٌ كمَا تدْرِي |
وَليْسَ العَائِدُونَ دجىً | إِلى الديوَانِ بِالكُثرِ |
فَمَا اسْتَجْليْتُ إِلاَّ | أَوْجُهاً لِلصَّفْوَةِ الْغُرِّ |
وَقَدْ سَهِرُوا كَمَا بَكَرُوا | بِلاَ وَهَنٍ وَلاَ فَترِ |
وَفِيهِمْ أَوَّلاً سَامٍ | وَفِيهِمْ ثانِياً فِكْرِي |
هُمَا لِلْحَلِّ وَالْعَقْدِ | هُمَا لِلنَّهْيِ وَالأَمْرِ |
هُمَا لِلْمِيَرَةِ الكَافِيَةِ | الْحَاجَاتِ فِي الْقُطْرِ |
يَنَامُ الشَّعْبُ مَا سَهِرَتُ | عَلَيْهِ مُقْلَةُ الْبِرِّ |
فَبَعْدَ تحِيةٍ عَجْلى | وَتَمْهِيدٍ مِنَ الْعُذْرِ |
جَلَسْتُ وَأَنْتَ مَشْغُولٌ | بِأَمْرٍ أَيِّمَا أَمْرِ |
تُحَرِّكُ دَائِباً قَلَماً | عَلَى قُرْطَاسِهِ يَجْرِي |
وَتَضَطَرِبُ السَّجيرَةُ بَيْنَ | أُنْمُلُتَيْكَ وَالثَّغْرِ |
فَتُحْدِثُ مِنْ حَرِيقِ التَّبْغِ | جَوّاً عَابِقَ النَّشْرِ |
تخَالُ ثَوَابِتُ الأَضْواءِ | فِيهِ أَنْجُماً تَسْرِي |
فَتَابَعْتُ الدُّخَانَ يَمُوجُ | بَيْنَ الْمُدِّ وَالْجَزْرِ |
بِثَائِرِهِ وَسَاجِيهِ | أَفَانِينُ مِنَ السِّحْرِ |
ظَلِلْتُ هُنَيْهَةً أَرْنو | إِلَيْهِ بِطَرْفِ مُسْتَقْرِ |
فَأَبْدَى لِي مَكَانَ الْخَلْقِ | وَالتَّقْدِيرِ فِي الْفِكْرِ |
وَصَوَّرَ فِي إِشارَاتٍ | رَفِيفَ خَوَالِجِ الصَّدْرِ |
كَأَني شَاهِدٌ حَالَيْكَ | بَيْنَ السَّطْرِ وَالسَّطْرِ |
بِحَيْثُ الْقَوْلُِ فِي يُسْرٍ | وَحَيْثُ الْقَوْلُ فِي عُسْرِ |
وَحَيْثُ إِذَا نَبَا الإِلْهَامُ | لُذْتَ بِنجْدَةِ الذِّكْرِ |
وَحَيْثُ تُعَالِجُ الرَّأْيَيْنِ | مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ حُرِّ |
فَأُعْجَبُ بِالدُّخَانِ وَمَا | جَلاَه لِي مِنَ السِّرِّ |
كَأَنَّ حِجَاكَ مِنْهُ وَرَا | ءَ شَفَّافٍ مِنَ السِّتْرِ |
أَرَانِي صِدْقَ مَا قَالُوهُ | عَنْ عِلْمٍ وَعَنْ خُبْرِ |
نبُوغُ الْمَرْءِ بِالإِتْقانِ | وَالإِتْقَانُ بِالصَّبْرِ |
نَجَاءً يَا غَرِيقَ الْحِبْرِ | مِنْ سَاقٍ إِلى نحْرِ |
وَهَيَّا يَا أَمِينَ الْخَيْرِ | طَالَ لَدَيْكُمَا أَسْرِي |
أَيُعْطَى الشُّغْلُ أَضْعَافاً | لِمَا يُعْطِي مِنَ الأَجْرِ |
لَنَا صَحْبٌ بِلُقْيَاهُمْ | مَنَاطُ الأُنْسِ وَالبِشْرِ |
دَعَوْنَا لِلْعَشَاءِ فَهَلْ | نُغَادِيِهِمْ مَعَ الفَجْرِ |
ضِيَافَةُ يُوسُفِ لُطْفاً | وَظَرْفاً مِنْ مُنَى الْعُمْرِ |